شويّة دردشة
الجنيّه العويّم |بقلم أحمد عبد المنعم
بمجرد الحديث عن تعويم الجنيه، أصبح لدى مصر 90 مليون خبير اقتصادي، والجميع استعد لـ”الغوص” في أعماق المصطلحات الاقتصادية، دون وعي أومعرفة حتى أن “تعويم الجنيه”، أصبح حديث الصباح والمساء، من كل أطياف الشعب المصري، وهناك مقولة شهيرة لكاتب أمريكي عن البورصة، وهي “إذا تحدث رجل الشارع العادي عن البورصة فتوقع لها الإنهيار”، وهو ما حدث بالفعل في البورصة الأمريكية التي تعرضت للانهيار الكبير في ثمانينيات القرن الماضي.
واذا كنا نتحدث في البورصة التي تعد جزءًا من الاقتصاد الكلي، وتعرضت للانهيار بسبب الكلام غير المسؤول، فما الذي سيحدث عند الحديث عن الاقتصادي ككيان كلي، خاصة وأن مصر مازالت تعاني من أزمة اقتصادية حادة. أي قرار اقتصادي إصلاحي، يؤثر بشكل سلبي على المواطن، ولكن في النهاية نتائجه تكون إيجابية للوطن، ولنا في 2003 عبرة، فقد قررت الحكومة برئاسة عاطف عبيد، عام 2003 تعويم الجنيه، الأمر الذي تسبب في ارتفاع سعر الدولار بنسبة اقتربت من 50%. وكان سعر الدولار قبل قرار التعويم فى الأسواق يصل سعره 3 جنيهات، وفجأة وبعد قرار التعويم ارتفع ليصل إلى 5 جنيهات و50 قرشا، ثم ارتفع مرة أخرى، ولامس مستوى الـ 7 جنيهات، حتى استقر عند مستوي الـ 5.5 جنيه. وبالفعل حدث تضخم في الأسعار، ولكن ايجابيات القرار كانت كثيرة، حيث ارتفع الاحتياطي النقدي من مستوى الـ 17 مليار دولار وصولًا إلي 36 مليار دولار في 2010، وفي 2003 كان الاستثمار المباشر يبلغ حوالي 4 مليارات دولار ووصل إلي حوالي 12 مليار دولار في 2008، أما السياحة فقد ارتفعت إلي 13 مليار دولار في 2008 من 3 مليارات دولار في عام 2003. أما البورصة فقد حققت أعلي مستوياتها على الإطلاق عام 2007، وصعد مؤشرها الرئيسي لمستوى الـ 12 ألف نقطة وكانت التداولات اليومية تتخطى حاجز الملياري جنيه.
ويعد تعويم الجنيه حاليًا “دواء مر”، لابد منه، لعلاج مشاكل سعر الصرف والتي تقف عائق أمام الاستثمار والمستثمرين، خاصة وأن المستثمر الأجنبي في حال دخوله لمصر يقف سعر الصرف حائط صد أمام الاستثمار في ظل وجود سعرين، رسمي وسوق سوداء. تخيل المستثمر، قد يحقق أرباحا قوية في البورصة، ولكنه عندما يقوم بتحويل الجنيه إلي دولار، يُفاجأ أنه تعرض لخسارة بسبب فارق سعر العملة.
ومع استمرار أزمة الدولار لجأت المؤسسات والشركات لتدبير الدولار عن طريق البورصة، حيث يقوم بعض صناديق الاستثمار بشراء أسهم الـ GDR مثل البنك التجاري الدولي وهيرميس وبايونيرز من مصر بالجنيه، وبيعها في بورصة لندن بالدولار، وهو ما حدث خلال الأسابيع الماضية في البورصة المصرية من تداولات كبيرة تصل بالملايين على هذه الأسهم لتدبير الدولار من الخارج عن طريق البورصة.
أعتقد أن قرار التعويم إيجابي بالنسبة للاقتصاد المصري على عكس كل ما يقال إنه قرار صادم للمصريين، وهذا القرار سيعطي ثقة للمستثمرين وسيكون له مفعول السحر في القضاء على السوق السوداء، ولكن أري ان البنك المركزي سيؤخر القرار لبعض الوقت خاصة وأن الاحتياطي النقدي حاليا 19.59 مليار دولار، والمستهدف لتعويم الجنيه وصول الاحتياطي إلي 30 مليار جنيه وقد يكون التعويم جزئيا وليس بشكل كامل.