الجليس الصالح | بقلم د. ضحي اسامه راغب

الانسان هو نصيب نفسة لأن الله جعله مخير بطبعة له حق إختيار من يصاحبه ويجالسه ويتحمل كافة الاثار الإيجابية او السلبية التى كان هو وأصحابه سببها .
فإن الإنسان في هذه الحياة لابد له من مخالطة الناس، واتخاذ بعضهم جليساً له، وعوناً على مشاكل الحياة، ولكن الناس متفاوتون في أخلاقهم وطباعهم، فمنهم الخيِّر والفاضل الذي يُنتفع بصحبته وصداقته، ومجاورته ومشاورته، ومنهم الرديء الناقص العقل، الذي يُتضرر بقربه وعِشْرته وصداقته، وجميع الاتصالات به ضرر وشرٌّ ونكد؛ ولذا يقول – صلى الله عليه وسلم – في وصف بني آدم واختلافهم: (( إن الله تعالى خلق آدم من قبضةٍ قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض؛ جاء منهم الأحمر، والأبيض، والأسود، وبين ذلك، والسَّهْل، والحَزْن، والخبيث، والطيب، وبين ذلك ))؛ إذا عُلم هذا فاعلموا أن كثيراً من الناس إنما حصل له الضلال وجميع المفاسد بسبب خليله وقرينه؛ ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل ))؛ فمثلا من يريد الدنيا وزينتها ويعاند نفسة لا يجد الا خسارة لنفسة وعلى الجانب الآخر وهوا الشخص الملتزم الذى يعاهد الله فى كل وقت أن تكون دنياه تخدم أخرتة ويدعو الله فى كل لحظة أن يرزقة بمجالسة الصالحين فى الاخرة كما كان يفعل فى دنياه ولكن فى الاخرة الوضع يختلف تماما لان الله حيتما يرزقك الجنة فيرزقك أيضا برؤية حبيبك المصطفى علية الصلاه والسلام ورؤية ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
وأيضا كل هذا يأتى بسبب حسناتك وكثرة الاستغفار فنحن نتكلم عن الجليس الصالح فأذكركم ونفسي بجليس تأخذون علية ثواب لا تعلمون مقدارة ألا وهو الجلوس قبل او بعد الصلاه فى المسجد فله ثواب عظيم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ .
ثم إن استغفار الملائكة للمصلي ودعاءهم له يشمل ما قبل إقامة الصلاة حال انتظاره لها وما بعدها أيضا إذا جلس في المسجد لانتظار صلاة أخرى، كما أنه ليس مشروطا بالذكر، فلو جلس ينتظر الصلاة كان له هذا الفضل، وإن ذكر الله تعالى كان ذلك زيادة في الخير، ففي مراعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح عند شرح بعض روايات الحديث وهي: فإذا صلى، لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة. فما من شيءٍ أدلُّ على شيءٍ من الصاحب على صاحبه، وقديماً قيل: عَنِ الْمَرْءِ لاَ تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ ♦♦♦ فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارَنِ يَقْتَدِي. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مَثَلَيْن للجليس الصالح، وجليس السوء .
فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( مَثَلُ الجليس الصالح وجليس السوء؛ كحامل المسك ونافخ الكِير، فحامل المسك: إما أن يُحْذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافح الكِير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة ))؛ فهذا الحديث يفيد أن الجليس الصالح جميعُ أحوال صديقه معه خير وبركة، ونفع ومَغْنَم، مثل حامل المسك الذي تنتفع بما معه، إما بهبة، أو ببيع، أو أقل شيءٍ: مدة الجلوس معه وأنت قرير النفس، منشرح الصدر برائحة المسك، وهذا تقريبٌ وتشبيهٌ له بذلك، وإلا فما يحصل من الخير الذي يصيبه العبد من جليسه الصالح أبلغ وأفضل من المسك الأَذْفَر: فإنه إمَّا أن يعلِّمك أموراً تنفعك في دينك، وإما أن يعلِّمك أموراً تنفعك في دنياك، أو فيهما جميعاً، أو يُهدي لك نصيحةً تنفعك مدة حياتك، وبعد وفاتك، أو ينهاك عمَّا فيه مضرَّةٌ لك؛ فأنت معه دائماً في منفعة، وربحك مضمون – بإذن الله – .
فتجده إن رأى أنك مقصِّرٌ في طاعة الله؛ أرشدك، فتزداد همَّتك في الطاعة، وتجتهد في الزيادة منها، وتراه يبصِّرك بعيوبك، ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها، بقوله وفعله وحاله.
فالإنسان مجبولٌ على الاقتداء بصاحبه وجليسه، والطباع والأرواح جنودٌ مجندةٌ كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري: (( الأرواح جنودٌ مجندةٌ، فما تعارف فيها ائتلف، وما تناكر منها اختلف ))؛ فإن بعضها يقود إلى الخير، وبعضها يقود إلى الشرِّ.
وأقل نفعٍ يحصل من الجليس الصالح: انكفاف الإنسان بسببه عن السيئات والمساوئ والمعاصي؛ رعايةً للصحبة، ومنافسةً في الخير، وترفُّعاً عن الشرِّ، ومما يستفاد من الجليس الصالح: أنه يحمي عِرْضَك في مغيبك وفي حضرتك، يدافع ويذبُّ عنك، ومن ذلك أنك تنتفع بدعائه لك حياً وميتاً.
وأما مصاحبة الأشرار: فهي السمُّ النَّاقع، والبلاء الواقع، فتجدهم يشجعون على فعل المعاصي والمنكرات، ويرغِّبون فيها، ويفتحون لمن خالطهم وجالسهم أبواب الشرور، ويزيِّنون لمجالسيهم أنواع المعاصي، ويحثُّونهم على أذيَّة الخلق، ويذكِّرونهم بأمور الفساد، التي لم تَدُرْ في خَلَدِهم، وإن همَّ أحدهم بتوبةٍ وانزجارٍ عن المعاصي، حسَّنوا عنده تأجيل ذلك، وطولَ الأمل، وأن ما أنت فيه أهون من غيره، وفي إمكانك التوبة والإنابة إذا كبرت في السن، وما يحصل من مخالطتهم ومعاشرتهم أعظم من هذا بكثير .
فرزقنا الله وإياكم مصاحبة ومرافقة الاخيار وجعلنا الله نجتمع على سيرة حبيبة وحب دينة كى نجتمع سويا فى رحب حبيبة ومصطفاه فى يوم لا يعرف الأبن أباه وينادي عليا هلمو علي يا امتى لكي أشفع لكم يوم الحساب وصلي الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم