
منذ انطلاقتها في تسعينيات القرن الماضي، استخدمتها قطر كذراع إعلامية لإثارة الفتن والوقيعة بين الدول العربية، ما ساهم في زعزعة استقرار وأمن المنطقة، وامتد خطرها ليحقق أهداف مخططات نسجتها أجهزة استخبارات دولية استهدفت إعادة تشكيل المنطقة وفق رؤية لعبت فيها قناة “الجزيرة” دورا رئيسيا.
وما آلت إليه الأوضاع بقطع مصر وعدة دول عربية علاقاتها الدبلوماسية مع قطر كان نتيجة حتمية للسياسات التي تبنتها الدوحة منذ فترة جاوزت العشرين عاما عندما اختارت “بمحض إرادتها” أن تتحول إلى خنجر في خاصرة أمتها العربية.
ولجأت قناة الجزيرة القطرية لمخططات إشعال الشارع المصري من خلال تلفيق المشاهد التي توضح قمع المواطنين، في محاولة لتحريضهم على النزول والتظاهر، فى الوقت الذى تدعم قطر الجماعات الإرهابية التي تزهق أرواح المواطنين في الدول العربية كداعش والقاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابية.
قطر تلعب دور مشبوه في دعم المنظمات الإرهابية
لعبت قطر دورا مشبوها في دعم المنظمات الإرهابية في سوريا من أجل الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، ودعمت قطر المتطرفين الإرهابيين في ليبيا وتعمل على نشر الإرهاب داخلها.
النظام السياسي الذي اكتوت بنيرانه معظم دول المنطقة كان يجب أن يدفع ثمن مغامراته التي أججت الصراعات وساهمت في خلق بؤر للصراع في المنطقة مستخدما في سبيل تحقيق أغراضه وسائل مختلفة وآلة اعلامية ضخمة كرست رسالتها لمحاولة السيطرة على عقل المواطن العربي أينما وجد لتأتي المرحلة الثانية في رسالة التوجيه هذه لتنفيذ المخططات المرسومة للمنطقة “بحرفية عالية” مستفيدة من حالة الوهن التي وصلت إليها العديد من الدول العربية والمشاكل الحياتية التي يعاني منها المواطن العربي.
كل هذه المخططات والتي كشف النقاب عنها منذ فترة ما كان لها أن تتحقق بمثل هذه الأريحية إذا تمت محاصرة الطرف المنفذ واتخاذ خطوات كانت كفيلة ليس فقط باحتواء شروره بل بتهديده والتخلص منه.
وبطبيعة الحال كانت مصر هي الهدف الرئيسي لهذا المخطط باعتبارها ليس فقط كبرى الدول العربية بل لكونها صمام أمان الأمن القومي العربي، وبدونها يسهل تفتيت وتدمير المنطقة.
وثائق «ويكليكس» تكشف دور قطر في استهداف استقرار مصر
كشفت إحدى وثائق “ويكليكس” دور رئيس وزراء قطر السابق و”المقاول” الأساسي لمخطط هدم المنطقة حمد بن جاسم آل ثاني في استهداف استقرار وأمن مصر واللعب على مشاعر الشعب المصري باستخدام قناة “الجزيرة”.
وكشف جوليان أسانج، مؤسس موقع “ويكيليكس”، أنه حصل على سبع وثائق تخص قطر في مجملها تحض على التحريض ضد مصر، وسبق ونشرت صحيفة “جارديان” البريطانية نص وثيقتين من هذه الوثائق تشتملان على خطة التحرك ورسم ملامح سياسة قطر الخارجية.
وأشارت وثيقة تحمل الرقم 432 بتاريخ الأول من يوليو 2009 إلى اللقاء بين حمد بن جاسم وقناة «الجزيرة» وشرح فيه بن جاسم سياسة دولته الخارجية في عدد من الموضوعات بما فيها المصالحة الفلسطينية و«عملية السلام» ولم يدّخر جهدًا في شن هجوم شرس على مصر وسياساتها.
أما الوثيقة الثانية، فقد حملت الرقم 677 بتاريخ 19 نوفمبر 2009 واشتملت على تقييم شامل لدور قناة «الجزيرة» في منظومة السياسة القطرية وتحليل توجهات الشبكة منذ تولي الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مقاليد السلطة ببث كل ما يزكي إشعال الفتنة في الشارع المصري، وليس فقط بين الشعب والنظام، لكن بين المصريين أنفسهم كشعب ولتكتمل الصورة ذكرت الوثيقة أن النظام القطري يستخدم قناة «الجزيرة» كأداة لتصفية الحسابات مع خصومه وأشعلت هذه السياسة أكثر من مرة الجو العام في عدد كبير من البلدان العربية كاليمن، مرورا بسوريا ووصولا إلى مصر ودول الخليج.
«ثورات الربيع العربي» تكشف دور قناة «الجزيرة» في تأجيج الصراعات
المتابع لأحداث المنطقة يلاحظ أن انطلاق قناة “الجزيرة” كقناة إخبارية عربية نهاية العام 1996 شكل في حد ذاته – سواء اتفقنا أو اختلفنا على طريقة الأداء وجوهر التوجهات – حدثا مهما ساهم في تغيير مفاهيم كثيرة واستطاع جذب نسب مشاهدة عالية في صفوف الجماهير العربية، بعد استنساخ مشروع نموذج كانت تعده وتستعد لإطلاقه قناة “بي بي سي” العربية بكل إمكاناتها وكوادرها وحتى مرتكزاتها ومفاهيمها الإعلامية، كشعار الرأي والرأي الآخر بما يتناسب مع العقلية العربية، حتى لا تكون هناك شبهات حول القناة.
والمؤكد أن التوجه الإعلامي والسياسي لقطر تجاوز حدود الدور إلى التدخل في الشئون الداخلية والمساس بأمن المنطقة القومي ودولها بدعم الجماعات الإرهابية ومدها بالأسلحة، خاصة مصر وسوريا واليمن والبحرين.
وعند عرض المشروع عن طريق “عرابة” حمد بن جاسم تحمس أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني لفكرة إنشاء القناة، بعد أن أطاح بوالده، وصادق على إنشاء القناة، وصادق في التوقيت ذاته على افتتاح مكتب للعلاقات التجارية مع إسرائيل في الدوحة.
ولعبت القناة دورا رئيسيا في إشعال الفتن وتأجيج الصراعات داخل العالم العربي من خلال قيامها بأدوار تحريضية شملت العديد من الدول العربية بدءا من التمهيد لاحتلال العراق ثم بعد ذلك تدخلها في الحرب على العراق والتقارير التي مهدت لمعركة مطار بغداد وإسقاط العاصمة بغداد.
ومنذ اندلاع “ثورات الربيع العربي” تبنت الجزيرة نهجا تجاوز حدود دورها كوسيلة إعلامية إلى مساندة جماعة الإخوان الإرهابية والتدخل السافر في شئون النظام العربي، وترويج مفاهيم محددة لتبرير ممارسات العنف والتطرف لصالح الإخوان، وشن سلسلة من الأكاذيب السياسية وتشويه الحقائق بقصد الإساءة للدولة المصرية والمساس بوحدة الأمة العربية.
وادعت مساندة مطالب الشعوب العربية في الحياة الكريمة، ولكنها كانت تسعى لتنفيذ مخططات تقسيم دول المنطقة وليس مجرد إسقاط الأنظمة.
قطر توجه سهامها لمصر باعتبارها ركيزة الأمن القومي العربي
وجهت سهامها إلى مصر باعتبارها الركيزة الأساسية للأمن القومي العربي واستهدفت توجيه رسائل “مسمومة” افتقدت في غالبيتها للتقاليد والأخلاقيات الراسخة والأمانة المهنية في أعقاب ثورة 25 يناير 2011.
ولجأت إلى مخططات إشعال الشارع المصري من خلال تلفيق المشاهد التي توحي بقمع المواطنين، في محاولة لتحريضهم على النزول والتظاهر، كما اعتمدت أسلوب التحريض ضد القوات المسلحة والشرطة بأساليب انتقامية وعدوانية، فضلا عن تعمد السخرية من الخطط الأمنية لمواجهة الإرهاب، والادعاء بأن هناك انتهاكا لحقوق الإنسان.
ودعمت القناة الجماعات الإرهابية كجماعة “الإخوان المسلمين” و”القاعدة “وداعش وجبهة النصرة وجند الشام، كما لعبت دورا مشبوها في دعم التنظيمات الإرهابية في سوريا، ودعمت أطرافا متناحرة في الداخل الليبي، خاصة ممن ينتمون لجماعة الإخوان الإرهابية وسعت إلى نشر الإرهاب فيها.
وقفزا على التقاليد والأعراف، امتدت خطة التدمير إلى دول الخليج، وعمدت القيادة القطرية إلى تنفيذ خطة استهدفت خلق الفوضى داخل هذه البلدان، ثم توجهت لاحتضان حركة حماس للضغط على السلطة الفلسطينية، وعملت على سحب مكاتبها من سوريا لاحتوائها خدمة للمشروع الذي تخدم توجهاته، ثم التوسط بينها وبين حركة فتح، ليمتد بعد ذلك لمحاولات إدارة مباحثات إسرائيل مع السلطة الفلسطينية.
الجزيرة تشق المجتمع اللبناني إلى جبهتين
استطاعت الجزيرة شق المجتمع اللبناني إلى جبهتين، ودعمت إحداهما لتنفذ أهداف الخطة المرسومة بعناية، كما قامت بتمويل الأحزاب الدينية في مصر، وليبيا، وتونس، واليمن، وسوريا، لكي تستحوذ على الحكم لخلق الفوضى، وتمزيق أوصال هذه الدول، ما أدى إلى تصاعد الخوف في هذه الدول ثم أدارت ظهرها مؤخرا لمحيطها الخليجي والعربي صوب إيران في إطار سياساتها الخبيثة لشق الصف العربي وتفتيت الأمة.
والمؤكد أنه بعد انكشاف الدور وسقوط الأقنعة، وحالة الفوضى التي وجد المواطن العربي نفسه في القلب منها، عانى ويلات ما كان يتوقع يوما أن تمر به؛ لا أن يكون داخل أتون وجحيم صنعته أياد خبيثة صدقها وتابع بث سمومها إلى أن استشرت داخل الجسد العربي.
وفي ضوء حالة الوهن والفوضى التي وصلت إليها المنطقة، لم يعد أمام هذه الأمة إلا استعادة ثوابتها وأسباب قوتها ومحاولة النهوض من جديد.