الجامعات الأهلية الإنجاز الأفضل لعام ٢٠٢٠| بقلم د. سامي حبيب

عندما قررت مصر إنشاء عدد من الأنفاق أسفل قناة السويس كان لديها السواعد المصرية التى ستنفذ، وكان لديها المال الذى ستشترى به الحفار العملاق، لكنها اصطدمت بعقبة هائلة ألا وهى الخبرة العلمية والإستشارية التى ستخطط وتضع الإسلوب العلمى الجيد الذى سيتم به التنفيذ بالجودة المطلوبة، عندئذ استدعت مصر ابنها العالم الكبير هانى عاذر صانع أفضل محطة سكك حديدية بألمانيا وأوروبا، وكالة الفضاء الأمريكية ناسا كانت تدار لزمن طويل بواسطة العالم المصرى العظيم فاروق الباز، مصرية تتقلد عميدة كلية الهندسة بكندا، مجدى يعقوب أسطورة الطب العالمية هو من سطر تاريخ طب القلوب فى إنجلترا قبل أن يعود إلى مصر ليقدم لها خلاصة تجاربه العملية والعلمية، وفى أستراليا، وفى …، وفى …، وفى .. كل أنحاء الدنيا، إن أوروبا وأمريكا وكندا واستراليا وغيرهم من الدول التى تتباهى بالتقدم العلمى مدينة لآلاف العلماء المصريين الذين قدموا خلاصة مجهودهم وعلمهم لهذة الدول حتى قامت على أكتافهم، بعد أن ذهبوا إلى هناك ليستكملوا دراساتهم العليا للحصول على الماجستير و الدكتوراة، وبسبب عظمة القدرات والإمكانيات المادية والمالية وإغراءاتها فضلوا البقاء هناك، فخسرت مصر تلك العقول المتميزة وخسرت العائد العلمى والمهنى المنتظر منهم بعد أن أنفقت عليهم ستة عشر عاما لتعليمهم.
وفى سياق موازى كان التعليم فى مصر مصاب بالقصور الشديد، وغير قادر على إنتاج خريج قادر على إحداث التنمية المنشودة للدولة المصرية نظرا لعدم مواكبة الأنظمة التعليمية الحالية وبرامجها التعليمية للتطورات الهائلة فى العلوم المختلفة فى أنحاء العالم، لدرجة جعلت بعض الدول العربية التى علمناها وبنيناها تتفوق علينا فى مجال التعليم، كما كان التعليم المصرى يعانى من عدم ربطه بخطط التنمية المستدامة للدولة المصرية، فصار التعليم فى وادٍ وحاجات سوق العمل فى وادٍ آخر، مما زادت معه حدة البطالة من جهه، وانهيار خطط التنمية من جهة أخرى، وخرجت الجامعات المصرية من التصنيفات المتقدمة عالميا.
ومع تفاقم هذة الأزمات ورغبة القيادة السياسية فى الإرتقاء بمستوى التعليم المصرى وتحسين جودتة ليصبح قادرا على إنتاج خريج مصرى متواكب مع متطلبات النمو الهائل فى التكنولوجيا فى العالم، وكذلك متواكبا مع الوظائف الحديثة التى يتطلبها سوق العمل الجديد من زاوية، ومن زاوية أخرى الحد من فقدان القدرات العقلية المصرية التى تذهب للتعلم بالخارج ولا تعود مرة أخرى، وكذلك الحد من دوران رأس المال المنفق على التعليم بالجامعات الأجنبية لخارج دائرة إقتصاد الدولة المصرية، مما كان يسبب خسارة هائلة لمصر بسبب فقدانها للعقول المتميزة وكذلك الأموال المتسربة من الإقتصاد المصرى.
من هنا قررت القيادة السياسية الموافقة على إنشاء العديد من الجامعات الأهلية الحديثة والتى تعمل طبقا لأحدث الأنظمة التعليمية بالعالم وذلك من خلال التوأمة مع الجامعات العالمية العريقة، فجائت جامعة الملك سلمان الدولية بمقراتها الثلاثة والتى تضم ١٥ كلية لتقدم ٥٤ برنامجا تعليميا متطورا، وجامعة العلمين الدولية والتى تضم ١١ كلية ٤٣ برنامجا تعليميا مميزا، جامعة الجلالة وتضم ١٥ كلية لتقدم ٦٦ برنامجا تعليميا حديثا، وجامعة المنصورة الجديدة تضم ٩ كليات لتقدم ٢٨ برنامجا تعليميا حديثا، وتقدم هذ ة البرامج للطلاب المصريين وكذلك الطلاب الوافدين من الخارج.
وجدير بالذكر الإشارة إلى أن هذة الجامعات الحديثة قد تم تصميمها طبقا للمعايير الدولية للأبنية الخضراء الذكية، وتم تصميم أساليب الدراسة بها طبقا لأحدث الأساليب التعليمية العالمية وبما يطابق أعرق الجامعات العالمية المتقدمة، وذلك من خلال إتفاقيات التوأمة فيما بين الجامعة الأهلية المحلية والجامعة الدولية الحديثة، والتى ستتيح نقل تكنولوجيا التعليم والمناهج الدراسية وأساليب إختيار أعضاء هيئات التدريس وكذلك الطلاب وكذلك المقررات الدراسية وقواعد وأساليب التقييم سواء لأعضاء هيئة التدريس أو للطلاب، بالإضافة إلى إستقدام أفضل أعضاء هيئات التدريس من أعرق الجامعات العالمية للتدريس بها ونقل الخبرات المتميزة بجانب أعضاء هيئات التدريس المصريين أصحاب العلم والخبرة والعقل المتميز.
وبتحليل تركيبة المقررات الدراسية نجد أنها تنطوي على محورين أساسيين وهما:
المحور الأول ويشمل العلوم الأساسية من طب وهندسة وصيدلة وطب أسنان وأدارةأعمال وعلوم قانونية وحاسبات ومعلومات وألسن وكذلك تخصصات مستحدثة فى الطاقة والنانو والميكاترونيات والتصميم البيئي وتصميم السينما والمسارح وذلك لإكساب العلم والخبرة العملية فى تخصص العمل المستقبلى.
أما المحور الثانى فهو يمثل إضافة جديدة للحصول على منتج تعليمى ( خريج ) متميز شخصيا وفكريا حيث يشمل مقررات إجبارية لكل الطلاب بكافة الجامعات مثل التذوق الأدبى وريادة الأعمال والإبتكار والتفكير النقدى والأخلاقيات ومهارات البحث والتحليل.
وبالتالى نجد أن بناء المحتوى التعليمى بهذا الإسلوب يضمن لنا إنتاج خريج مؤهل علميا وشخصيا وفكريا وثقافيا ونفسيا، بما يمكنه من دخول سوق العمل الحديث متسلحا بعلم وشخصية متواكبة مع مستجدات الحياة الحديثة.
ومن هنا يمكن اعتبار الجامعات الأهلية الجديدة الحديثة طفرة كبيرة واستثمار أمثل فى رأس المال البشرى مما يحقق للدولة المصرية الكثير والكثير من الفوائد والتى تجد منها:
١.. إحداث التطوير فى المناهج التعليمية لتصبح مواكبة لأحدث المناهج التعليمية العالمية.
٢.. ربط المناهج التعليمية باحتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية فى مصر والعالم.
٣.. الحصول على خريج متميز علميا وعمليا وشخصيا.
٤.. الإرتقاء بمستوى الجامعات المصرية إلى مصاف الجامعات العالمية وبالتالى تحسين تصنيفها الدولى.
٥.. سهولة وضع وتنفيذ خطط التنمية المستدامة للدولة المصرية مستقبلا نظرا لوجود خريجين مميزين قادرين على التخطيط والتنفيذ بأساليب حديثة وابتكارية.
٦.. مواكبة الخريج لسوق العمل ستقضى مستقبلا على البطالة.
٧.. تحقيق معدل عائد أعلى على الإستثمار فى التعليم من خلال الحصول على خريج مميز يفيد الدولة بفاعلية وكفاءة.
٨.. تقليل حركة هجرة العقول المصرية للخارج.
٩.. خفض دورة رأس المال المنفق على التعليم إلى خارج الدولة المصرية وجعله يدور داخل دائرتها الاقتصادية الداخلية.
١٠.. إحداث التنمية المجتمعية بالمناطق التى تم إنشاء الجامعات بها.
١١.. حصول الخريج على شهادتين معترف بهما محليا ودوليا ، شهادة من الجامعة المحلية ، وشهادة من الجامعة الدولية تتيحان له أفضل فرص العمل داخليا وخارجيا.
١٢.. رفع مستوى الآداء بالجامعات الحكومية بسبب وجود منافس قوى لها يقدم برامج تعليمية مميزة بأساليب مميزة وهى الجامعات الأهلية الحديثة.
١٣.. المساهمة فى تنشيط السياحة التعليمية عندما يبدأ الطلاب الوافدين وذويهم بالحضور إلى مصر لتلقى تعليم مميز بالجامعات الجديدة.
١٤.. رفع المستوى الإقتصادى والمعيشى لأفراد المجتمع المصرى كمردود على المدى الطويل.
١٥.. رفع مستوى عملية تقديم المنتجات والخدمات سواء الحالية أو المبتكرة بعد دخول خريجى الجامعات الجديدة لسوق العمل.
١٦.. رفع قدرات أعضاء هيئات التدريس نتيجة التعاون المشترك مع أعضاء هيئات التدريس القادمين من الجامعات الدولية للتدريس بالجامعات الجديدة.
١٧.. تطوير نظم القياس والتقييم للطلاب بما يتوافق مع الأساليب والمعايير العالمية.
١٨.. تعظيم قيمة رأس المال البشرى المصرى داخليا وخارجيا.
١٩.. توفير الأموال التى كانت تنفق على برامج التدريب التحويلى لإعادة تكييف الخريجين مع متطلبات سوق العمل.
والعديد والعديد من المزايا التى يصعب حصرها، مما يجعل الجامعات الأهلية الجديدة نواة وقاطرة لإحداث التطوير فى التعليم بكافة الجامعات المصرية ليصبحوا جميعا ومعا قاطرة التنمية المستدامة للدولة المصرية، فلا تنمية بدون خريج متميز، وعلم حديث مواكب للتطورات العالمية الحديثة، مما يجعل هذة الجامعات الحديثة هى إنجاز عام ٢٠٢٠.