التلون والنفاق.. آفة بعض مشيعي جنازة مبارك| بقلم اللواء شبل عبد الجواد

شاركت، ضمن آلاف من شاركوا، في مراسم تشييع جثمان الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك إلى مثواه الأخير، وكانت تلازمني عدة انطباعات لا يمكن تجاوزها لعل أولها التاريخ المشرف للرئيس مبارك في مواقفه الوطنية الخالدة خلال حرب السادس من أكتوبر 1973 والتي قاد خلالها الضربة الجوية ضد العدو الإسرائيلي.
أما ثاني هذه الانطباعات التي خالجتني أثناء تشييع الرئيس الراحل فكانت هي فترة الثلاثين عاماً التي قضاها الرجل رئيساً لمصر والتي شاءت الأقدار أن تنتهي في ظروف حالكة الصعوبة بأحداث 25 يناير 2011، والتي كشفت جميع الشواهد أنه كانت من تدبير وتآمر دول وأنظمة تحيك المكر السيء بأوطاننا، ورغم ذلك تعامل مبارك بمنتهى الرقي مع مقتضيات الأمن القومي وتخلى بمحض إرادته عن مقاليد الحكم وأعلن نقل جميع صلاحيات حكمه للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الحارس الأمين على صالح البلاد والعباد.
فالرجل لم يلجأ للهروب خارج البلاد وإنما انصاع للقوانين هو وأبنائه حتى برأه القضاء الشامخ وشاءت أقداره أن يموت على تراب هذا الوطن ويرحل في جنازة عسكرية مهيبة تليق بقائد عسكري وطني.
المؤسف في هذه الحالة ما صادفته من وجوه منافقة ومدعية وهي تتظاهر بزرف الدموع على الرئيس الراحل رغم أنها كانت من بين من ساهموا في إزاحة مبارك عن المشهد السياسي بهذه الصورة التآمرية، وركبوا الموجة السائدة في هذه الأثناء والتي زعمت أنها ثورة مباركة تحمل الخير لمصر، وحين سقطت الأقنعة الزائفة أنها كانت تحمل الخراب لمصر وجلبت حكم المرشد وأعوانه.
المدهش أن هذه الوجوه المتلونة التي اعتادت الأكل على كل الموائد واللطم والبكاء في كل الجنازات تعلم أنها كاذبة، وأن من حولها يدرك تماماً أنها مأجورة وإلا فمن الذي نادى بخلع مبارك وحشد طاقة الجماهير وتلاعب بأحلامهم وطموحاتهم لتحقيق أجندات مشبوهة .. أكيد لست أنا الذي فعلت هذا، وهنا لم أجد أي تسمية لهذه الحالة أقرب من الآية الكريمة (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا) صدق الله العظيم .