التعليم والأمن القومي المصري | بقلم د. روان عصام يوسف
يرتبط التعليم بالأمن القومي لأي دولة في العالم، وذلك لأن الأمن القومي هو مجموعة القدرات والأنظمة والإجراءات التي تكفل حماية الوطن من كل ما يتهدده من أخطار منظورة أو محتملة تهدد استقراره ورفاهيته وسلامة أراضيه واستقلالية قراره، ويعتبر التعليم أحد مكونات تلك الإجراءات والأنظمة … فإذا تعلم الطالب تعليما جيدا قائما على التربية التي تنمي ملكة القدرة على التحليل والنقاش والفهم، والإبداع وقبول الآخر والتعايش معه، وإبداء الرأي بكل شجاعة دون خضوع أو خنوع أوتبعية لأحد، هذا الطالب سيكون لديه أساسيات وبذور الديمقراطية والقدرة على تحمل المسؤلية الفردية والاجتماعية، وقادرا على تحقيق السلام الاجتماعي في الوطن و يؤمن العالم اليوم بأن العلم والمعرفة هما سلاح المستقبل، وأنه كلما ارتفع مستوى العلم والمعرفة لدى الدول كلما زادتها قوة.
فآن الأوان أن يكون لمصر مشروعها الواضح والكبير للتعليم، آن الأوان أن تستثمر مصر فى تعليم أولادها بخطط واضحة وطويلة الأمد، بإصرار وتصميم لا يترك المدراس ولا المناهج ولا العملية التعليمية سوى بعد أن تحقق كل أهدافها الخاصة بالقضاء على الأمية، وخلق أجيال واعية من الطلاب المصريين، وربط التعليم بسوق العمل، آن الأوان لأن يبدأ العمل على سياسة واضحة ومحددة تضعها الدولة للعملية التعليمية، حتى لا نهدر وقت الوطن فى كل هذه المعارك الدائرة حول المناهج التعليمية أو كل هذا القلق من حال الأبنية التعليمية من مدارس وجامعات وخلافه.
و ظهرت بوادر تطوير المنظومة التعليمية خلال مؤتمر «تطوير التعليم.. حلول إبداعية»، حيث كشف الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم ملامح النظام الجديد للثانوية العامة، عقب إلغاء النظام الحالي المعمول به في المرحلة الثانوية، واعتماد النظام التراكمي، أسوة بالمعمول به في الجامعات. و ذكر أيضاً إن الوزارة تعد حاليًا نظامًا جديدًا مبتكرًا للتعليم بالتوازي مع النظام الحالي، على أن يبدأ التطبيق في سبتمبر 2018، وتخريج أول دفعة من هذا النظام في 2030.
مشكلة النظام التعليمي الحالي أنه يتعامل مع الطالب علي أنه “حصالة للمعلومات” ولكن يجب أن يكون دور المدرسة الرئيسي امداد ابنائنا بالمهارات و الادوات كالقدرة على الفهم، التحليل، صناعة القرار، حل المشكلات، والعديد من اللغات، دعم الهوية، تكوين الشخصية، والمنطق المبسط، ثم يتركهم يتعلمون بأنفسهم، فالتعليم الحقيقي و المعرفة لا تكون خلال مرحلة معينة من حياة الانسان انما هي رحلة مستمرة مدي الحياة.
ويجب أيضاً غَرس روح الابتكار والخيال ففي مقولة شهيرة ان: (الخيال أهَمّ منَ المَعرفَة، فالمَعرفَة مَحدودَة بما نعرفه الآن وما نَفهَمَه، بينما الخيال يَحتَوي العالم كلّه وَكلَّ ما سَيَتم مَعرفَتَه أو فَهمَه إلى الأبد)، وبالتالي المَادّة الوحيدة التي ممكن غرس روح الخيال والابتكار عندَ الطالب هيَ مادّة الفن وإذا أرادَ شخص أن يكون طفلَه ذكّياً عليه أن يعلّمه فَنّ الرّسم والتخطيط و الموسيقي َوغيرهم منَ الفنون، لذلكَ على التعليم أن يجعلَ مادّة الفن جزءٌ لا يتجزّأ منَ الخطّة التَعليميّة.
والتربية الفنية لها علاقة قوية بالأمن القومي اليمني، لأنها تكون ضمير وسلوك مشاعر وتصرفات وأخلاق المواطن، ففي ظل غياب هذه الأشياء أصبح شكل المواطن على ما هو عليه يرفض الجمال ويتعلق بقيم القبح، وفقد كثيراً من القيم لأنه وضع في قفص المذاكرة «لا يلعب، لا يذهب إلى متحف أو يشاهد السينما ولا يرتاد المسرح ولا يدرس الفن أو الموسيقى، فقط يفرغ طاقته في العنف والتكسير والقفز من فوق الأسوار وتكوين العصابات المدرسية. إن مادة الفن تعلم الطلاب كيف يحلمون وكيف يبتكرون ويتخيلون.
ولا أبالغ إذا قلت إن غياب مواد الفنون يوفر ممراً آمناً للتطرف والعنف، لأن العنف إنسان فقد كل قيم الجمال وتشبع بقيم القبح والدمار والموت.
فإذا أردنا أن نحمي الأمن القومي علينا أن نهتم بتعليم أبنائنا بالطرق الصحيحة.