البنك المركزي التركي يفاجئ الأسواق برفع أسعار الفائدة
فاجأ البنك المركزي التركي اليوم الخميس اسواق المال بالاعلان عن زيادة أكبر من المتوقع لأسعار الفائدة لمحاربة معدلات التضخم الهائلة ودعم الليرة ما انعكس ايجابا على سعر صرفها.
وتشهد تركيا منذ أسابيع إحدى اسوأ الازمات الاقتصادية في عهد الرئيس رجب طيب اردوغان، وقد منيت فيها الليرة بخسائر في أسواق العملات في اغسطس.
ورفع البنك معدل فائدة إعادة الشراء (الريبو) للأسبوع ب625 نقطة أساسية من 17,75 بالمئة إلى 24 بالمئة، ما يزيد بكثير على توقعات بلومبرغ بارتفاع إلى 21 بالمئة.
واستفادت الليرة بقوة من القرار وارتفع سعر صرفها بنسبة 5 بالمئة ليصل تداولها إلى 6 ليرات للدولار الأميركي. وخسرت في ما بعد شيئا من المكاسب لكن قيمة الصرف بقيت مرتفعة بنسبة 3 بالمئة وتم تداولها ب6,16 للدولار بعد الساعة 13,30 ت غ.
وأكثر ما يفاجئ في رفع الفائدة أن اردوغان سبق ان انتقدها وعاد لانتقادها على أنها “أداة للاستغلال”.
وقالت نورا نيوتبوم الخبيرة الاقتصادية في بنك “غيه بي ان امرو” أن “هذه كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لنا، ولكن ربما لكل المراقبين للوضع في تركيا” مضيفة أن هذه الخطوة “مؤشر ايجابي” اراد البنك من خلالها أن يظهر استقلاله والتزامه بمحاربة التضخم.
وأضافت ان “هذه الخطوة لا تزال غير كافية”.
وفي محاولة أخرى لدعم الليرة أصدر اردوغان الخميس مرسوما يقضي ببيع وتأجير العقارات بالعملة التركية فقط.
لم يغير البنك معدلات الفائدة منذ مطلع يونيو وسط قلق الأسواق من أن يكون اردوغان هو من يملي سياسة البنك المستقل شكليا.
وصدرت مؤشرات من البنك الى امكان رفع معدلات الفائدة بعدما ناهز التضخم 18 بالمئة في اغسطس، بحسب ما أظهرت أرقام رسمية الأسبوع الماضي.
وقال البنك الخميس إن التطورات المتعلقة بالتضخم تشير إلى “مخاطر كبيرة على استقرار الأسعار” نظرا للتراجع الأخير لسعر صرف الليرة.
وأضاف في بيانه أنه “سيستمر في سياسة التشدد النقدي إلى أن تظهر آفاق التضخم تحسنا ملحوظا”.
ووصف قرار رفع الفائدة بأنه “تشدد نقدي قوي لدعم استقرار الأسعار”.
وعلى البنك أن يهدئ المخاوف المتعلقة بتراجع النمو، فقد أظهر مؤشرات ضعف رغم ادائه القوي في الربع الثاني من العام بالمقارنة مع العام الماضي، وسط توقع بعض المحللين أن تتجه تركيا نحو انكماش.
وقال البنك إن “تراجع الأسعار لا يزال يمثل مخاطر على مستقبل التضخم رغم طلب داخلي أضعف”.
وتابع”بناء على ذلك، قررت اللجنة اعتماد تشدد نقدي قوي لدعم استقرار الاسعار” في شرحه أسباب الزيادة.
ويعتبر تدخل البنك أحدث رفع كبير للفائدة لتهدئة اضطرابات اقتصادية في دولة ناشئة بعد أن رفع بنك الارجنتين المركزي سعر الفائدة من 45 إلى 65 بالمئة في 30 اغسطس.
ولكن نيوتبوم من بنك “ايه بين إن امرو” قالت أن هناك حاجة للعديد من الخطوات لتغيير “التدهور السلبي” في الاقتصاد.
وأضافت “تحتاج تركيا إلى اصلاحات هيكلية لزيادة الانتاجية وخفض الاعتماد على تدفق أموال المحافظ القصير الأمد وخفض تصلب سوق العمل”.
يقول خبراء الاقتصاد إن البنك المركزي المستقل شكليا، يتعرض للضغط من اردوغان الذي كان قبل بضع ساعات يشن هجوما لاذعا على البنك ويصف معدلات الفائدة بأنها “أداة للاستغلال”.
واتهم اردوغان البنك في وقت سابق الخميس بعدم كبح التضخم مكررا أن نسبة الفائدة المتدنية تسهم في خفض التضخم.
واضاف “معدلات الفائدة هي السبب، التضخم هو النتيجة. إذا قلت +التضخم هو السبب، والفائدة هي النتيجة+ فإنك لا تعرف هذه المهنة أيها الصديق”.
وقال انطوني سكينر مدير قسم الشرق الأوسط وشمال افريقيا في معهد فيريسك ميبلكروف لوكالة فرانس برس أنه يعتقد أنه تم مسبقا الاتفاق على سعر الفائدة.
وتابع أن “خطاب اردوغان كان الهدف منه توضيح المسافة بينه وبين قرار البنك”.
ويرى المحللون إن تدهور الليرة الشهر الماضي نجم عن مخاوف متعلقة بالسياسة الداخلية وأزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة.
وإضافة للاعتقاد بأنه يضغط على قرارات البنك المركزي، أذهل اردوغان الاسواق في يوليو بتعيين صهره براءة البيرق وزيرا للمال.
وتدهورت العلاقات مع الولايات المتحدة الشهر الماضي بعد إعلان واشنطن فرض عقوبات على وزيرين تركيين على خلفية احتجاز قس اميركي، وضاعف الرئيس الاميركي دونالد ترامب الرسوم على الصلب والالمنيوم المستورد من تركيا.
وفي مسعى لدعم العملة المتهاوية، وقع اردوغان الخميس مرسوما رئاسيا ينص على أن تكون جميع العقود المتعلقة بالعقارات بالليرة التركية وحدد مهلة 30 يوما لتغيير العقود الحالية.