البطة العرجاء وليالي “ترامب” الأخيرة| بقلم عثمان فكري

كتب .. عثمان فكري من ديلاوير
ليس من شيء أدّل على أن ليالي ترامب الأخيرة في البيت الأبيض قد بدأت وأن نهاية عهده قد أصبحت واضحة أكثر من اهتمامه بمنح العفو الرئاسي .. حيث أعلن البيت الأبيض عن إصدار الرئيس الخاسر في الانتخابات دونالد ترامب دفعة من الأسماء التي حظيت بعفو رئاسي كامل أو بتخفيف الأحكام الصادرة بحقهم جزئياً أو كلياً وأثارت هذه الإجراءات الجدل .. وذلك على الرغم من أن قرارات العفو هذه حق لأي رئيس أميركي ومارسها العديد من الرؤساء السابقين للولايات المتحدة، لكنها تأتي في وقت لا يزال فيه ترامب يرفض الإقرار بهزيمته في الانتخابات أمام جو بايدن لكن مع ذلك فإن مجرد إصدارها والذي جاء بمناسبة عيد الميلاد والذي ستليه دفعات أخرى من العفو الرئاسي، تؤكد أن الرئيس الخاسر يتحضر فعلياً ليوم 20 يناير المقبل موعد تنصيب جو بايدن الرئيس الـ 46 للولايات المتحدة الأمريكية ولو أنه يرفض حتى البحث مع موظفي البيت الأبيض بهذا اليوم وما إذا كان سيحضره حتى إنه قال لأحد مستشاريه إنه “لن يغادر البيت الأبيض” ولا يزال يبحث مع العديد منهم كيفية الانقلاب على نتائج الانتخابات.
لكن إصدار العفو الذي شمل موالين لترامب يؤكد أن مزاجه المتعكر لم يمنعه من الاستفادة بقدر المستطاع من الوقت المتبقي له في السلطة في إطار مرحلة الرئاسة المسماة بـ “البطة العرجاء”، لمكافأة داعميه المخلصين تماماً كما قام بمعاقبة العديد ممن يعتقد أنه ثبت عدم ولائهم له .. وفي نفس السياق إهتم ترامب أيضاً بتأمين وظائف بديلة لعدد كبير من الذين عملوا معه طوال الفترة السابقة والعديد منهم يبحثون فعلاً عن وظائف جديدة.
أما دفعة العفو فشملت شخصيات على علاقة بالتحقيق في التدخل الروسي بانتخابات 2016 وهو ما يعتبره ترامب من صنع “الدولة العميقة” ضده .. كذلك شملت رجال كونجرس سابقين جمهوريين كانوا من أوائل الداعمين لترشحه للرئاسة في 2016 وتعتبر قرارات العفو هذه “الهدايا الميلادية” بعد أن تم العفو الشهر الماضي عن مايكل فلين، يُتوقع أن تليها قرارات عفو أخرى .. علماً أن البيت الأبيض بات يفيض بطلبات العفو هذا بخلاف أن الرئيس الخاسر لم يٌخرج فكرة العفو عن نفسه بعد من باله ومن الوارد جداً أن يقوم بالعفو عن نفسه على الرغم من أنه يعتبر من الرؤساء الأقل الذين استخدموا العفو خلال ولايتهم فحتى الشهر الماضي عفا ترامب عن 28 شخصاً، وخفف الحكم عن 16 ومن بين الإدانات الموجهة إلى بعض المعفيين تهريب المخدرات أو الاحتيال المالي.
ويُعد باراك أوباما أكثر رئيس استخدم هذه الصلاحية منذ هاري ترومان (1927 مرة) لكن الفارق أن معظم من عفا عنهم ترامب لديهم ارتباطات به أو بحملته الانتخابية أو برئاسته .. لكن عهد أوباما كان قد شجع السجناء على التقدم بطلب عفو وفق برنامج “مبادرة الرأفة”، ما استدعى انتقاداً قوياً من الجمهوريين .. وشملت قرارات العفو التي أصدرها ترامب .. العفو عن 15 شخصاً بينهم شخصان مرتبطان بالتحقيق في التدخّل الروسي في انتخابات 2016.
وقال البيت الأبيض إنّ “العفو اليوم يُصحّح الضرّر الذي ألحقه المحقق روبرت مولر بأشخاص كثيرين كما شمل العفو أفراداً متورّطين في فضيحة شركة الأمن الخاصّة “بلاك ووتر” في العراق وبحسب البيت الأبيض فإن هؤلاء الأشخاص منحوا عفواً كاملاً كما خفّف جزئياً أو كلياً الأحكام الصادرة بحقّ خمسة آخرين وشملت قرارات العفو 4 حراس أمنيين من شركة “بلاك ووتر”، كانوا أدينوا بارتكاب مجزرة أدت إلى مقتل 14 مدنياً عراقياً في ساحة النسور في بغداد عام 2007 بمن فيهم نيكولاس سلاتن، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
أما الآخرون، فهم بول سلاف، إيفان ليبرتي، وداستن هيرد. وأحدثت المجزرة حينها غضباً من الوجود الأميركي ويعكس هذا العفو رغبة ترامب في استخدام سلطته للتشكيك في أحكام صدرت بحق رجال في الخدمة العسكرية أو مقاولين عسكريين، بما يتعلق بإدانات موجهة إليهم ترتبط باستخدام العنف في ساحات القتال ضد المدنيين.