آراءشويّة دردشة

البصــــــيرة | بقلم لواء اح اسامه راغب

في كثير من الأحيان نستطيع معرفة مشاعر الآخرين وانفعالاتهم دون أن يتكلموا عنها أو يظهروها لنا، فالمعرفة هي بداية الاحساس بالذات، وفن الوصول للمعرفة هو فن الحصول علي البصيرة .

مِن المعنى اللُّغوي يتضحُ أن مدلولَ البصيرة يدور حول العِلم بالشيء، والمعرفة الواضحة، والحجة، والرؤية الصادقة؛ إذ ليس كلُّ مبصر بصيرًا، فكم من فاقد لعينِ البصر لكنَّ الله تعالى منَّ عليه بنورِ البصيرة، فيرى ما لا يراه المبصرُ بعين رأسه، وعمى البصيرة أشدُّ وأنكى من عمى البصر؛ قال تعالى: ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ …فكثير مِمَّن لهم قلوب لا يعقلون ولا يفهمون ولا يعتبرون، وكثير مِمَّن لهم آذان لا يسمعون إلا كما تسمعُ البهائم التي لا تدركُ إلا جرس الأصوات، ولا تسمع سماعَ تعقُّل، وكثير مِمَّن لهم عيون لا يرَوْن إلا شخوصَ الأشياء، وقد عمِيَت قلوبُهم التي في صدورهم فلا بصيرةَ لهم؛ فالبصيرةُ صفةٌ قلبية، يرى بها الشخص المعارفَ على حقيقتها، أو هي نورٌ في القلب يرى به ما لا تراه العينُ، أو هي: ” إدراكُ القلب للأمور إدراكًا صحيحًا، سواء كانت هذه الأمورُ شرعيةً أم حالية أم مستقبَلية ” وهذ يجعلنا نتذكر علم تميز به العرب منذ قديم الزمان وهي الفراسة والتي تعني أن يعرف الإنسان بحنكة وذكاء ما يخفى عنه ويستطيع التكهن ببواطن الأمور، خاصة تلك التي تخص سمات الناس، وقد وهبه الله هذه الميزة للعديد من الناس حتى يسهل عليهم أمور دنياهم فلا يقعون في شرور غيرهم من الناس الذين لا يتبعون شرع الله.

والفراسة لا تعني أن يعتقد الناس أو يظنوا بغيرهم ظنا يرون أنه هو الحقيقة بعينها فيقول الرسول الكريم ” أشققت عليه قلبه ” أي الأناس لا يمكن أن يعرف ما يحمل أخيه الإنسان في داخله من أفكار وأسرار إلا أنه يستطيع التنبؤ بسلوكيات الناس من باب الخبرة وهبة الله لبعض عباده الصالحين بأن يكون لديهم فراسة .

والعلم هو الفهم في الواقع و الاستدلال بالأمارات و شواهد الحال، و هذا الذي فات كثيرا من الحكام و القضاة فأضاعوا كثيرا من الحقوق فالقلب كالمرآة، و الهوى كالصدأ فيها فإذا خلصت المرآة من الصدأ انطبعت فيها صور الحقائق كما هي عليه، و اذا صدئت لم تنطبع فيها صور المعلومات فيكون علمه و كلامه من باب الخرص و الظنون وأخيرا : فإن المسلم الملتزم حقيقة له قضية يعيش من أجلها، و ليس حاله كحال الدهماء، و القضية التي يعيش من أجلها تحتاج الى فراسة وذكاء وبصيرة، و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنجز قضيتك بالغفلة والسذاجة وانما من يريد ان ينجح مهمته لابد ان تتوفر فيه او معه ادوات ومقومات انجاح المهمه وانجازها، بالبصيرة نصل للمعرفه وبالمعرفه نصل لرؤيه عميقه للاشياء والرؤية العميقه ما هي الا مفتاح لكل اسرار الحياة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى