افتتاحية بروباجنداتحقيقات و تقاريرتقاريرعاجل

البرادعي .. عراب الخراب

تقرير .. عادل محمد

إذا استطعت أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، فمن المستحيل أن تخدع كل الناس طوال الوقت” .. حكمة نحفظها عن ظهر قلب منذ نعومة أظافرنا .. لكنها ربما لم تنطبق وتتطابق كما تجسدت في حالة محمد البرادعي، المدير العام السابق لوكالة الطاقة الذرية، وذلك على خلفية مواقفه، تجاه الدول العربية بصفة عامة ومصر على وجه الخصوص، والتي لا تفوح منها إلا رائحة النقمة والفتنة واستعداء العالم على بلاده .

عراب الاحتلال

فلا أحد ينسى دور البرادعي في تدمير دولة العراق ومنح الشرعية لجميع العمليات العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية في الأراضي العراقية بزعم حصول بغداد على تكنولوجيا الأسلحة النووية، وتشهد على ذلك تصريحات البرادعي التي منحت المبرر وقامت بالتمهيد للتدمير .. ففي أعقاب كل عملية تفتيش على المنشآت العسكرية العراقية لم تكن لديه سوى جملة واحدة يختم بها تقرير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية : ” لم نجد شيئاً حتى الآن، لكننا ما زلنا نحتاج لمزيد من الوقت للتفتيش ” بدلاً من أن يحسم تقريره بشكل قاطع بخلو العراق من الأسلحة النووية والكيماوية، وهو صاحب قرار تفتيش القصور الرئاسية وجميع المنشآت المدنية واستجواب العلماء العراقيين للحصول على أي معلومة تبرر توجيه الضربات الأمريكية للعراق .

وتشير المعلومات إلى أن نفس الدور المشبوه حاول البرادعي، عراب الصواريخ الأمريكية، لعبه في عدة بلدان أخرى من بينها كوريا الشمالية التي وضعته على قائمتها السوداء، وحاول أيضاً الإيحاء بأن دولاً عربية أخرى من بينها سوريا تسعى لامتلاك اليورانيوم المخصب المستخدم في تصنيع القنابل النووية وذلك لإسباغ الشرعية على الاجتياح الأمريكي .

دور مشبوه في مصر

ولم تسلم مصر أيضاً من محاولات البرادعي لاستعداء العالم وبث الفوضى في ربوع البلاد، ففي شهر نوفمبر من العام ٢٠٠٩، ووسط جدل سياسى حول انتخابات رئاسة الجمهورية المستحقة فى مصر سنة 2010 والعوائق الدستورية الموضوعة أمام المترشحين بموجب المادة ٧٦ المعدّلة فى ٢٠٠٧ وتكهنات حول تصعيد جمال ابن الرئيس حسنى مبارك، أعلن محمد البرادعى احتمال ترشحه لانتخابات الرئاسة فى مصر مشترطاً لإعلان قراره بشكل قاطع وجود ” ضمانات مكتوبة” حول نزاهة وحرية العملية الانتخابية، وأعلن البرادعى فى مقابلة تليفزيونية أجراها مع شبكة « سى إن إن» الإخبارية الأمريكية: « سأدرس إمكانية الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية قى مصر إذا وجدت ضمانات مكتوبة بأن العملية الانتخابية ستكون حرة ونزيهة».

إعلان البرادعى أثار ردود أفعال متباينة فى الشارع السياسى المصرى، حيث اعتبره البعض رسالة محرجة للنظام من شخصية ذات ثقل دولى مفادها أن عملية تداول السلطة فى مصر تحتاج إلى إعادة نظر، بينما رأى آخرون أن تصريح البرادعى يعد مسعى حقيقياً لفتح آفاق جديدة للحياة السياسية « المخنوقة» فى مصر – حسب وصفه .

وفور انتهاء فترة رئاسته للوكالة الدولية فى ديسمبر ٢٠٠٩، أعلن عن عزمه الترشح لرئاسة الجمهورية فى الانتخابات المقررة فى ٢٠١١، ولكن بشرط إعادة تعديل المواد ٧٦ و٧٧ و٨٨ من الدستور المصرى ليسمح لأى مصرى بخوض الانتخابات الرئاسية، كما طالب ببعض التعهدات الكتابية لضمان نزاهة العملية الانتخابية وبعض الضمانات مثل المراقبة القضائية والدولية، وقد رحبت أحزاب وتيارات المعارضة المختلفة بهذا القرار .

برميل البارود

لم يكن وصول البرادعى إلى القاهرة يوم الجمعة الموافق ١٩ فبراير ٢٠١٠ نذير خير بأية حال من الأحوال ولكنه كان بمثابة إيذاناً بتقليب الاستقرار، فكان فى استقباله بمطار القاهرة العديد من النشطاء السياسيين المصريين وعدد غير قليل من الشباب من عدة مناطق ومحافظات مختلفة فى مظاهرة ترحيب بعودته لوطنه قدرت بحوالى ألفى شخص من أعمار وفئات اجتماعية مختلفة، رافعين أعلام مصر والعديد من اللافتات التى عبرت عن ترحيبهم به وتأييدهم للرجل فيما رفعه من شعارات حول إصلاحات سياسية وإعادة الديمقراطية التى افتقدها الشباب المصرى فى ظل نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك .

” أنا لا أنظر إلى نفسي كبطل قومي ولكني بمثابة عود ثقاب بجوار برميل من البارود” .. كانت هذه هي كلمات البرادعي حين عاد إلى مصر ليبدأ دعواته للتغير، وذلك من خلال تأسيسه وترأسه للجمعية الوطنية للتغير والتي كانت تطالب بالعديد من الإصلاحات السياسية على رأسها تغيير المادة 76 من الدستور المصري، ليتمكن المستقلون من الترشح في انتخابات الرئاسة .

وكان رد مبارك في أحد المؤتمرات الصحفية له في ألمانيا ” نحن لا نحتاج لبطل قومي من هنا أو من هناك، إذا أراد أن ينضم إلى أي حزب فلينضم، فليس لدينا قيود على هذا، يريد أن يرشح نفسه من خلال أي حزب يتفضل، يريد أن يرشح نفسه من خلال مستقل يتفضل ليس لدينا أي قيود طبقا للدستور” .

وفي 27 من يناير 2011 ، أي بعد يومين على اندلاع أحداث 25 يناير، عاد البرادعي إلى القاهرة ليشارك في الاحتجاجات التي شهدتها مصر كما أعلن عن استعداده لقيادة حكومة انتقالية .

وعقب سقوط نظام مبارك وفي انتخابات الرئاسة 2012، والتي اعقبت الثورة المصرية، أعلن البرادعي عن نيته الترشح للرئاسة وذلك في مارس 2011 عبر أحد البرامج على قناة أون تي في الفضائية، ولكنه في 14 يناير 2012 أعلن عن أنه لن يترشح، وذلك بسبب العشوائية وسوء إدارة العملية الانتقالية التي تدفع البلاد بعيدا عن أهداف الثورة .

وفي 28 إبريل 2012 اسس البرادعي حزب ”الدستور”، الذي ينتهج المنهج الليبرالي، وبعد استيلاء جماعة الإخوان على مقاليد الحكم .. واصل البرادعي دوره في اللعب على كل الأحبال والأكل على كل الموائد، وحين أسقط الشعب ” حكم المرشد” في 30 يونيو 2013 وتولى المستشار عدلي منصور، رئيس المحكمة الدستورية آنذاك، حكم البلاد كرئيس مؤقت تم تعيين محمد البرادعي نائباً لرئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية .

الكارت المحروق

وحين اقام أنصار الرئيس الإخواني المعزول اعتصامين مسلحين بميداني رابعة العدوية، بمدينة نصر، وميدان النهضة، بالجيزة، كان موقف البرادعي في غاية الريبة والشبهة فكان تارة وأمام وسائل الإعلام المحلية يردد أنه لا توجد أي شرعية لغلق والإستيلاء على الميادين والخروج على شرعية الملايين التي أسقطت حكم مرسي، لكنه حين يقف أمام وسائل إعلام خارجية يقول كلاماً مختلفاً تماماً وهو ما يفسر مؤامرة استقالة ” البرادعى” التى قال أنها اعتراضاً على فض الاعتصامين، حيث أنها لم تتوافق مع ما قاله ” البرادعى” نفسه خلال المؤتمر الذى عقده مع الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبى، كاترين أشتون، قبل أيام من فض الاعتصام، حينما قال: ” فض اعتصام مؤيدى الرئيس المعزول صار أزمة حقيقية بسبب رفض المعتصمين للحل السياسى، فلا سبيل أمامنا سوى الحل الأمني” .

إلا أنه ومع بدء الفض الأمنى، الذي جاء بعد أكثر من شهرين فى محاولات حل الأزمة سلمياً، خرج باستقالته سريعاً من منصب نائب رئيس الجمهورية دون التشاور مع أحد، وسافر مع أول رحلة تتجه إلى العاصمة النمساوية ليعيد هوايته المقيتة ودوره المأجور في استعداء العالم ضد مصر والدعوة إلى التغيير داخل مصر وكأن المطلوب فقط عدم استقرار الأوضاع في مصر وتقديم البلاد على أنها تعيش في حالة فوضى مستمرة .

كذاب أشر

ومنذ خروجه من مصر، اعتاد البرادعي نشر أخبار كاذبة عن حقيقة الأوضاع في مصر واتهم مؤسسات الدولة المصرية بأكاذيب ملفقة بغرض الإساءة إليها في المحافل الدولية، واستغل مؤتمراته الصحفية التي يعقدها للإساءة للدولة بتوجيه اتهامات كاذبة إليها، ومنها مسئولية وزارة الداخلية عما يسميه بالاختفاء القسري، رغم أن جميع من يدعون ذلك تبين انضمامهم لتنظيمات متطرفة في الخارج .

وبتتبع مواقف البرادعى سيتبين على الفور أنه منذ أن فر هارباً خارج البلاد، نصب نفسة قاضياً تارة ومحامياً عن الشعب، الذى أعلن في وجهه أنه مرفوض سياسياً بل وصل حد الرفض لدعاوى قضائية منظورة أمام ساحات المحاكم للمطالبة بإسقاط الجنسية عن البرادعى بإعتباره خائناً، وبلاغات أخرى إتهمته بالاستيلاء على المال العام فى البلاغ الذى حمل رقم 16121 لسنة 2016 بموجب مستندات خرجت من الجهاز المركزى للمحاسبات موجهه لجامعة القاهرة تتضمن حصول البرادعى على 5 ملايين جنيه من جامعة القاهرة دون العمل بها، وذلك بالمخالفة للقانون .

كما أٌتهم البرادعي بأنه أول من روج لأكاذيب وجود إعتقالات وتعذيب داخل السجون في حين فضحت تحقيقات النيابة فى الوقائع المزيفة التي تداولها بالخارج تلك الأكاذيب، ودأب البرادعى في بداية هذا المخطط ” القذر ” علي نشر ” تويتات” تزعم حرمان الشعب من الحرية بدعم من الدولة فى المرحلة الحالية، وفي تدوينة ثانية على موقع التواصل الاجتماعى قال ” في القانون الدولى يمكن لمجلس الأمن الإحالة للمحكمة الجنائية الدولية، في حالة ارتكاب جريمة اختفاء قسرى حتى إن لم تكن الدولة طرفًا في المحكمة .

كلمة أخيرة

إلى كل من لفظتهم مصر .. ألا تستحون؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى