الاصطفاف الوطني طوق النجاة| بقلم حاتم برهام
![](https://propaganda-eg.com/wp-content/uploads/2019/11/حاتم-برهام.jpg)
تظهر عبقرية القائد الزعيم في قدرته على شحن الهمم وتوجيه الإرادة الشعبية لما فيه صالح الوطن، خصوصاً في الأوقات الحاسمة التي تستلزم تضافر كافة الجهود ووحدة الصف، هبطت على رأسي هذه الأفكار وأنا أتابع تطورات المشهد السياسي المغرق في الارتباك الذي تمر به المنطقة العربية بل والشرق الأوسط ككل.
فما بين أطماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يعتقد أن الكون سيسير حسب رغباته الجانحة والكل سيأتمر بتعليماته، وجيش احتلال غاشم لا يقيم أي وزن لقانون دولي أو مواثيق إنسانية.. ووسط هذا وذاك دول عربية سقطت، بكل أسى وأسف، في أتون الاقتتال الداخلي والفرقة والتمزق.. تضطلع أرض الكنانة مصر، المحفوظة برعاية الله، بمسئوليات جسيمة تستعصي على أعتى الأمم الراسخة.
وبفضل الله ورعايته فقد حبى الله مصر، في هذه الأوقات العصيبة، بشعب مخلص يعي ويقدر تماماً مدى حساسية الفترة التي تمر بوطننا ومنطقتنا.. ورئيس وطني يحمل كل جينات القوة والزعامة والجدارة بالحفاظ على أمن ليس فقط مصر بل والوطن العربي، فمنذ أيامه الأولى أرسى قاعدة بطولية مفادها “مسافة السكة” والتي يفهمها كل من يتربص بأمن بلدنا ومنطقتنا.
وحتى لا يكون الكلام في المطلق.. فما علينا سوى مراجعة جميع المواقف التي ظهرت خلالها ريادة مصر باعتبارها الشقيقة الكبرى وحصن العرب المنيع ولعل أحدثها ما قدمته مصر لأجل الحفاظ على أمن واستقرار الأشقاء في ليبيا وسوريا والسودان من تقديم كل أشكال الدعم وفتح الحدود لاستقبال الفارين من جحيم الحرب الأهلية.
وخلال الشهور الـ 15 الماضية، وحتى كتابة هذه السطور، تجلت روعة وعظمة الدور البطولي لمصر شعباً ورئيساً بالإضافة لجميع مؤسسات الدولة التي دعمت وساندت الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق وتصدت بمنتهى الحزم والقوة لمخطط التهجير القسري لأهالي قطاع غزة من أراضيهم.. ووجهت مصر رسائل في منتهى القوة للاحتلال الغاشم وحاكم البيت الأبيض المغيب.
أما في مسألة الاجتراء على أرض وأمن المملكة العربية السعودية الشقيقة، فقد أظهرت مصر “القوة الغاشمة” دفاعاَ وانتصاراً عن شعب وأرض الحرمين الشريفين في مواجهة الدعوات الصهيونية العدائية.. في خير برهان على الدور القومي العروبي الذي تضطلع به مصر والذي يترجمه الرئيس السيسي إلى أفعال رجال لا أقوال في الفضاء السرمدي.
وإذا حاولنا الإجابة على مصدر هذه الأدوار المشرفة التي لا تتوانى القيادة السياسية عن القيام بها.. سنجد أن كلمة السر هي وحدة الشعب المصري واصطفافه خلف الوطن أولاً، والرئيس ثانياً.. وكيف لا ونحن أمام رئيس لم يضيع فرصة إلا وأكد خلالها على أهمية وحدة الإرادة والصف كمصدر أساسي لا بديل عنه لقوة الوطن.. فلعلنا ندرك الآن مغزى وقيمة كلمات السيسي: “لا تقلقوا على مصر طول ما كلنا كده”.. في إشارة إلى أننا ذراع واحد وعلى قلب رجل واحد.
وبطبيعة الحال فإن الاصطفاف الوطني والشعبي خلف القيادة السياسية يأتي بسبب قناعة المواطن المصري والأحزاب وكافة الأجيال بضرورة الحفاظ على الأمن القومي المصري، ولعل تظاهر الشعب المصري أمام معبر رفح خير دليل على قناعة الشعب المصري بالقضية الفلسطينية، وعدم التهجير، والوقوف خلف الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وهذا ينبع من إدراك رجل الشارع العادي أن الدولة المصرية والمنطقة العربية تمر بمرحلة دقيقة تتطلب أعلى درجات التكاتف الوطنى لمواجهة التحديات المتزايدة التى تستهدف استقرارها وأمنها القومي، وأن الأوضاع الدولية المتغيرة والتصريحات غير المسؤولة من بعض الأطراف تجعل الاصطفاف خلف الدولة المصرية واجبًا وطنيًا لا يحتمل التهاون أو التردد.
وتضمنت حالة التوحد السياسي والوطني هذه إجماع كافة المشاركين على ضرورة الاصطفاف الوطني الذي تفرضه طبيعة المرحلة الراهنة كخير برهان على حب الوطن، والانتماء إليه، والحفاظ عليه والدفاع عنه والتضحية من اجله بكل غال ونفيس وإعلاء لقيمة وحدة الصف لتحقيق العزة والكرامة وحماية المقدسات، وإدراكاً لحقيقة في غاية الأهمية أنه ليس أشد خطورة على الأمن واستقرار البلاد من تشتت القوة واختلاف المواقف وتنافر القلوب وتنازع الآراء، وذلك ما عبر عنه القرآن الكريم بقول الحق: ( وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ ).
وأخيراً، وليس آخراً، فالاصطفاف الوطنى هو السبيل الوحيد للحفاظ على هيبَة الأمة وهو كذلك الدرع الواقي الذي حمى مصر وشعبها من كافة المؤمرات التي كانت تحاك ضدهم، سواء من عناصر الإرهاب في الداخل أو الجهات الخارجية الداعمة لهم في الخارج، فذلك الاصطفاف هو الذي أعاد لمصر هويتها في ثورة 30 يونيو 2013 والذي بدأ في أعقابه انطلاق مسيرة البناء والتنمية والتقدم.