الإدارة الخضراء.. الطريق إلى التنمية المستدامة (٢)| بقلم د. سامي حبيب
*** الموارد البشرية الخضراء
يعد مفهوم إدارة الموارد البشرية الخضراء من المفاهيم المعاصرة في الفكر الإداري و الإدارة البيئية.. إذ غالباً ما يستخدم مصطلح الموارد البشرية التي تربط نشاطات إدارة الموارد البشرية بالتوجهات الخضراء للإشارة إلى مساهمة سياسات إدارة الموارد البشرية وممارساتها.. على نطاق أوسع تجاه الأجندة البيئية للشركات وللمحافظة على الموارد الطبيعية فيها.. ولا بد من الإشارة إلى أن الموارد البشرية الخضراء لا تزال في مراحلها المبكرة.. وبالتالى فإن الموارد البشرية الخضراء تعنى ممارسات موجهه نحو تخضير الشركة.. حيث تسهم في استدامة البيئة.. وتحقق رضا العاملين وزيادة إنتاجيتهم.. والحد من الممارسات الخاطئة تجاهها.. ويتم قياسها من خلال ممارسات التوظيف الأخضر.. و التدريب والتطوير الأخضر.. و إدارة الآداء والتقييم الأخضر.. والأجور والحوافز الخضرا.. والتمكين الأخضر.
أولا.. التوظيف الأخضر
تشير العديد من الدراسات إلى ارتفاع تأثير القضايا البيئية على عملية الإستقطاب والتوظيف وتشير بيانات إحدى الدراسات إلى أن الخريجين يحكمون على الآداء البيئي وسمعة الشركة كمعيار لإتخاذ قرارات تقديم طلب للتوظيف.. ويمكن للشركة إظهار التزامها بالإستدامة والمحافظة على البيئة من خلال اعتماد أسلوب التوظيف الإفتراضي.. إذ بإمكانها إكمال متطلبات التوظيف من خلال وسائل الإتصال الألكترونية.. بما في ذلك المقابلة وأعباء السفر.. وينبغي أن يعكس الوصف الوظيفي ضمن أجندة الإستدامة وموقع الشركة ومحركات البحث فيها.. ولابد لإدارة الموارد البشرية أن تضمن عملية الإستقطاب معلومات عن الإلتزام البيئي للشركة.. وذلك لجذب العاملين الذين يؤمنون بتلك المفاهيم البيئية.. وهذا يمكن أن يوضح من خلال وسائل الإعلام كمساهمات في المسؤولية الإجتماعية والبيئية.. والشركات يمكنها القيام بعملية التوظيف الأخضر بأحد إسلوبين هما:
١.. القيام باستقطاب وتعيين عاملين من خارج المنشأه من ذوى الميول والتوجهات الخضراء.
٢.. القيام بعمل تدريب تخصصى على الأساليب الخضراء للعاملين الحاليين لديها لتحويلهم إلى عاملين خضر.
ويعد الإسلوب الأول هو المفضل حيث يعتبر أقل تكلفة من البديل الثانى.
ومن أجل ذلك تقوم الشركات بدمج استيراتيجيتها التوظيفية الخضراء ضمن استيراتيجيتها العامة للمؤسسة ككل.. كما نجد الشركات تتبع الأساليب الإلكترونية فى الإعلان عن الوظائف وكذلك تلقى طلبات التوظيف واستكمال إجراءاته.. أو استخدام أقل كمية من الأوراق المطلوبة والمستندات إلخ.
ثانياً.. التدريب والتطوير الأخضر
يتطلب النهج البيئي زيادة وعي العاملين ومهاراتهم ومعرفتهم العملية.. والتدريب والتطوير هما عنصران أساسيان في تنفيذ الإدارة الخضراء.. ويعدان بمثابة الآليات المناسبة لتسهيل استدامة الشركات.. والتي بدورهما يمكن أن تخلق فرصة لتطوير رأس المال الفكري.. والتدريب الأخضر هو أحد أهم الأدوات لتطوير الموارد البشرية وتسهيل الإنتقال إلى مجتمع أكثر استدامة وينبغي أن تضم عملية تدريب العاملين وتطويرهم القضايا الإجتماعية البيئية.. وعلى المستويات جميعها.. وضرورة أن تكون برامج التوجه الخضراء موضحة للعاملين إذ يتم إبلاغه للموظفين المعينين وتحديد احتياجاتهم من عملية التدريب والتطوير على الإجراءات الخضراء.. بما في ذلك توضيح رؤية الشركة ورسالتها ومبادراتها.. مثل خفض الغازات المسببة للإحتباس الحراري.. و المنتجات الخضراء.. والتأكيد على سياسة تنقل الموظفين.. و التشجع على استخدام وسائل النقل العام و من الأمثلة على أفضل الممارسات في مجال التدريب والتطوير الأخضر.. إمكانية تأسيس الفرق الخضراء في كل قسم.. مهمتها تقديم الوعي العام.. وتقديم التدريب اللازم في مجال الإدارة البيئية.. ويمكن أن يتم تحديد الإحتياجات التدريبية في ضوء المعرفة البيئية ومهارات العاملين في الجوانب الخضراء.. ولضمان فاعلية التدريب الأخضر ينبغي التخطيط له بما يتناسب وطبيعة الوظائف.. فمثلا تدريب موظف المخازن من المفترض أن يركز على تقليل المخلفات وإدارةالطاقة.. ويتم تحديد برامج التدريب الخضراء بناءً على الفجوة بين مستوى آداء العاملين الفعلية و المعايير الخضراء الموضوعة مسبقا والمأمول الوصول إليها.
ثالثاً.. تقييم الآداء الأخضر
إن استخدام تقييم الآداء في مجال الموارد البشرية الخضراء يواجه تحديات تتمثل فى كيفية وضع معايير ومؤشرات لقياس الآداء البيئي على المستويات جميعها.. والحصول على بيانات مفيدة عن أداء المديرين في المجالات البيئية ويمكن أن ينجح نظام إدارة الآداء الأخضر إذا ما بدأت الشركة بربط تقييم الآداء بالوصف الوظيفي مع تحديد الأهداف والمهام الخضراء.. وهناك جانب هام في أدوار المديرين في إدارة الآداء وتقيمه وفق الانتاج الأخضر و مدى اهتمام العاملين بتقديم أفكار جديدة خضراء يمكن أن تدرج كأهداف للخطط السنوية الجديدة.
رابعا.. الأجور والحوافز الخضراء
وهى عبارة عن ما تقدمة الشركات للعاملين مقابل إلتزامهم بالسياسات والمعايير الخضراء فى الآداء.. وهى بكل تأكيد تكون مرتفعة عن معدلات الأجور والحوافز التقليدية.. وهى تأخذ شكلين هما:
١.. أجور وحوافز نقدية.. ( أجر أساسى .. حوافز إضافية .. إلخ).
٢.. أجور وحوافز غير نقدية.. ( مثل هدايا .. ترقيات.. إجازات ..أى تقدير معنوى آخر …إلخ )
وقد يتم الجمع بين الإسلوبين معا.. ويكون تقييم الأجر الأخضر مرتبطا بتقييم آداء العامل طبقا لمعايير الآداء الخضراء المحددة سلفا.
خامسا.. التمكين الأخضر
وهو يعنى منح الفرصة للعاملين للمشاركة فى الأنشطة والبرامج الخضراء.. واقتراح مبادرات خضراء أيضا.. والمشاركة فى المبادرات المجتمعية الخضراء.. والحصول على التدريب الأخضر سواء بالشركة أو فى خارجها.. مع منحهم مكافآت وحوافز لتشجيعهم على ذلك لأنه فى النهاية سيصب فى صالح الشركة قبل أن يكون فى صالح العاملين.
ونستكمل فى الجزء الثالث ان شاء الله.