الآثار: تسجيل معبد «منشة» اليهودي بالإسكندرية وخلال أيام تسجيل 3 معابد بالقاهرة
أكد الدكتور محمد مهران رئيس الإدارة المركزية للآثار اليهودية بوزارة الآثار قرب انتهاء عمل لجنة جرد وحصر وتسجيل الآثار اليهودية فى مصر، والتى بدأت عملها منذ حوالى عام بناء على قرار الدكتور خالد العناني وزير الآثار، حيث سيتم خلال الأيام المقبلة الانتهاء من إجراءات تسجيل 3 معابد يهودية هى كنيس مائير عنايم بالمعادى، وكنيس ماجين إبراهام بحدائق القبة، وكنيس فيتالى مجار بمصر الجديدة .
وكشف مهران، فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم، عن الانتهاء من تسجيل المعبد اليهودي كنيس “منشه” الموجود بمنطقة المنشية بالإسكندرية والذى أسسه البارون يعقوب دى منشة عام 1860 بميدان المنشية، ويعد من أقدم معابد اليهود فى الإسكندرية.
وقال إن اللجنة فى أبريل الماضى قامت بتسجيل كافة مقابر اليهود بالإسكندرية، في مناطق الشاطبي 1 والشاطبي 2 والأزاريطة، والتى يوجد بداخلها المئات من المقابر ورفات اليهود وحاخامتهم وعدد من القطع الأثرية الأخرى، والتى تشير إلى الحقبات التاريخية المهمة التي عاشها اليهود في تلك الفترة في مصر وتعد شاهدا على عصر التسامح الديني والتعايش في مصر.
وأضاف أن تسجيل تلك المعابد والمقابر اليهودية يجعلها خاضعة لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته الصادرة في 2010 ، وبالتالى يكون الإشراف عليها وحمايتها ومتابعتها من قبل مفتشي الآثار بالوزارة..لافتا إلى أن هناك 10 معابد يهودية بمصر من الإسكندرية شمالا وحتى بنى سويف جنوبا مسجلة بالفعل فى تعداد الآثار الإسلامية والقبطية وخاضعة لقانون حماية الآثار.
وبالنسبة لمقابر اليهود بالبساتين،أوضح رئيس الإدارة المركزية للآثار اليهودية أن أغلب تلك المقابر تم سرقتها منذ زمن ولا يوجد حاليا أية مقابر لها قيمة أثرية تستحق التسجيل، مشيرا إلى أنها تضم رفات اليهود، الذين ماتوا في مصر قبل هجرتهم الجماعية، عقب مشاركة إسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.
ولفت مهران إلى أن تسجيل التراث اليهودي ضرورة حيث أنه بموجب قانون حماية الآثار يحافظ عليه ويحميه من التعديات إلى جانب الحد من عمليات هدمه وبيعه باعتبارها آثارا مصرية تمثل جزءا من التراث والتاريخ المصري، مشيرا إلى قرار وزير الآثار مؤخرا ببدء ترميم (معبد الياهو هنبي) بالإسكندرية بتمويل من الحكومة المصرية،حيث أنه من المقرر أن تأتى عمليات ترميم وصيانة باقى المعابد تباعا.
وعن تاريخ اليهود فى مصر، أكد الأثري سامح الزهار أن المتخصصين اعتبروا ملف وجود اليهود المصريين في مصر من الملفات ذات الثراء التاريخي والاجتماعي والذي لم يتم بحثه كما ينبغي حتى الآن، موضحا أن اليهود المتواجدين على أرض مصر قد رحبوا بالفتح الإسلامي ربما نكاية في من سبقه ولكن كان هناك ترحيب كبير يوازي ترحيب الأقباط، وكان عصر الدولة الطولونية مهما لليهود في مصر فنزعم أنه عصر تكوين الثروات اليهودية، أما العصر الفاطمي فكان أزهى مراحل التواجد اليهودي وحياتهم في مصر فيما عدا فترة الحاكم بأمر الله، حيث تأسست معظم المدارس التلمودية في تلك المرحلة كما كان لهم تواجد سياسي كبير ومثال على هذا تولي يعقوب بن كلس الوزارة في تلك المرحلة .
وأضاف أنه فى عصر الدولة الأيوبية عاش اليهود فى مصر مرحلة سلام ففي عام 1166 وصل موسى بن ميمون إلى مصر واستقر في الفسطاط، حيث ذاعت شهرته كطبيب بارع في الفسطاط كما يؤكد عدد كبير من المصادر أنه كان الطبيب الشخصي لصلاح الدين الأيوبي، أما في عصر المماليك البحرية عمل اليهود في صيانة المعدات العسكرية وتعرضوا لتضييق من بعض قضاة وعلماء المسلمين في تلك الفترة ـ ويذكر المقريزي أن الظاهر بيبرس قد ضاعف ضريبة أهل الذمة،أما في زمن المماليك البرجية فقد واجه اليهود قوانين أشد صرامة.
وأكد الأثري سامح الزهار أن فترة الثلاثينيات في مصر كانت هي بداية مرحلة ازدهار التواجد للمجتمع اليهودي في مصر خاصة التواجد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والفني، حيث أدرك بعضهم قيمة التواجد في المجتمع بأشكال مختلفة تؤثر على ربط مجتمعهم كأقلية من الأقليات التي تعيش في مصر بالمجتمع الكبير الذي يسمح تكوين عقله الجمعي بأن تذوب الفوارق بين من يعيش على أرضه حتى مع غير أبناء بني وطنه .
وأوضح أنه بالنسبة للتواجد الاقتصادي لليهود فتمثل في إنشاء عدد كبير من المتاجر كشيكوريل وشملا وعدس وإريكو وبنزايون وغيرها من الأسماء التي حصلت على شهرة كبيرة، كما كان لليهود في مصر اهتمام كبير بالتواجد في الحياة الفنية وصناعة السينما كأحد المكونات التي ترتبط بوجدان المصريين أو نستطيع أن نقول إن ما أفسدته السياسة اليهودية ربما أصلحه الفن لمرحلة، فنجد وجود لأسماء مهمة من بينها ليليان ليفي المعروفة بـ كاميليا وراشيل إبراهام المعروفة بـ راقية إبراهيم والممثلة نجمة إبراهيم ونظيرة موسى شحاته المعروفة بـ نجوى سالم والمطربة الكبيرة ليلى مراد والمخرج المعروف توجو مزراحي وغيرهم.
وأشار إلى أن اليهود قد عاشوا في مصر في حالة من التعايش ربما كان لإحساسهم بتواجدهم كأقلية ولكن كانت خريطة المجتمع آن ذاك مختلفة لا تعطي للاختلافات الدينية والمذهبية والعرقية ما يزيد على كونها أمرا بين الإنسان وربه، موضحا أن التواجد الأكبر لليهود كان في القاهرة فعاشوا في مناطقها المختلفة سواء من المناطق الراقية كمصر الجديدة وتحديدًا الكوربة وعلى ضفاف النيل، وأيضًا في حواري القاهرة العتيقة وقد اشتهرت مناطق لهم وبهم لعل أشهرها حارة اليهود التي تقع بالقرب من شارع الموسكي بحي الجمالية .