إيلون ماسك يراجع احتياطي الذهب الأمريكي في «فورت نوكس»

تحت حراسة مشددة لا تخترق، ترقد واحدة من أعظم الثروات في تاريخ البشرية وهو احتياطي الذهب الأمريكي في قلعة “فورت نوكس”، حيث ظل هذا المخزون لعقود رمزًا للقوة الاقتصادية الأمريكية، لكنه اليوم محاط بشكوك وتساؤلات كثيرة، هل لا يزال الذهب هناك، أم أن الحصن الحصين يخفي وراءه فراغًا مقلقًا؟.
ففي تطور جديد على الساحة السياسية والاقتصادية الأمريكية، دعا السيناتور الجمهوري راند بول رجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك إلى زيارة ولاية كنتاكي لمراجعة أكبر احتياطي الذهب في الولايات المتحدة، والمخزن في القاعدة العسكرية المحصنة “فورت نوكس”.
جاءت هذه الدعوة عقب تساؤلات وانتقادات واسعة حول مدى شفافية الحكومة الأمريكية بشأن احتياطياتها من الذهب، التي لم تخضع لمراجعة كاملة منذ عقود.
بدأت القضية عندما نشر حساب “زيرو هيدج” الليبرتاري، الذي يتابعه أكثر من مليوني شخص على منصة “إكس”، منشورًا طالب فيه ماسك، رئيس إدارة كفاءة الحكومة DOGE، بإلقاء نظرة داخل “فورت نوكس” للتأكد مما إذا كان احتياطي الذهب الأمريكي، البالغ 4,580 طنًا، لا يزال موجودًا في خزائنه، مشيرًا إلى أن آخر تفتيش تم إجراؤه كان عام 1974.
رد ماسك بتغريدة قال فيها “بالتأكيد يتم مراجعته على الأقل كل عام”، إلا أن السيناتور راند بول فاجأه بالإجابة، قائلًا “كلا”، ثم وجه إليه دعوة مباشرة، قائلاً: “لنفعل ذلك”، عارضًا على ماسك وفريقه إجراء تدقيق رسمي لمخزون الذهب في القاعدة العسكرية.
ومع استمرار الضغوط الشعبية وتصاعد الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، لم يصدر أي تعليق رسمي من وزارة الخزانة الأمريكية في الوقت الحالي بشأن الدعوات المتزايدة لمراجعة احتياطي الذهب.
تقع قلعة السبائك في “فورت نوكس”، وهو منشأة عسكرية بالغة السرية، بنيت عام 1936 في ولاية كنتاكي على مساحة تبلغ 110,000 فدان، وتحتوي القلعة على حوالي 147.3 مليون أوقية من الذهب، ما يمثل حوالي 2.3% من إجمالي الذهب المستخرج في تاريخ البشرية، أي ما يعادل 56.35% من إجمالي الاحتياطي الوطني، ويعمل هذا الاحتياطي كشبكة أمان مالي في حالة عدم الاستقرار الاقتصادي.
وتُعتبر فورت نوكس من أكثر المباني حراسة في العالم، حيث تتميز بجدران من الجرانيت الصلب والخرسانة المسلحة، ومحاطة بسياج من الصلب، بالإضافة إلى وجود معسكر حربي أمريكي هائل يتكون من جيش من الحراس لحماية المبنى على مدار الساعة.
وتتولى شرطة دار سك العملة الأمريكية مسؤولية حماية القلعة، حيث تتمتع بمستوى عالي من التحصين الأمني، ولا يسمح للزوار بدخوله، حتى كبار المسؤولين الحكوميين.
تتقدر القيمة الدفترية الرسمية للذهب المخزن في “فورت نوكس” عند 42.22 دولارًا للأونصة، ما يعادل حوالي 6.2 مليار دولار، إلا أن هذه القيمة لم يتم تحديثها منذ عقود، ومع وصول سعر الذهب إلى 2,900 دولار للأونصة في السوق العالمية، فإن القيمة الفعلية للمخزون قد تصل إلى أكثر من 425 مليار دولار.
أجري أول تفتيش رسمي للذهب في “فورت نوكس” عام 1943 خلال رئاسة فرانكلين روزفلت، في أعقاب الكساد الكبير وأثناء الحرب العالمية الثانية، أما في عام 1974 فتم السماح لوفد من الكونجرس والصحفيين بزيارة المستودع، بعد انتشار نظرية مؤامرة تدعي أن الذهب قد سُرق سرًا، وأن الخزائن فارغة، حيث جاءت هذه الخطوة لطمأنة الجمهور، وقاد الجولة في ذلك الوقت مدير دار سك العملة الأمريكية.
أما أحدث عملية مراجعة تمت، فكانت في عام 2017، عندما زار وزير الخزانة آنذاك ستيفن منوتشين المستودع، برفقة زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل وعدد من المسؤولين، إلا أن هذه الزيارة لم تكن تدقيقًا رسميًا، بل مجرد جولة إعلامية محدودة.
ويثير هذا الجدل أسئلة ملحة حول مدى شفافية الحكومة الأمريكية بشأن احتياطي الذهب لديها على مدار السنوات الماضية، فقد قدم بعض أعضاء الكونجرس مقترحات تشريعية تطالب بإجراء تدقيق شامل لاحتياطيات الذهب الأمريكية، بما في ذلك تلك المخزنة في “فورت نوكس”.
وفي عام 2009، أثار عضو مجلس النواب الأمريكي، رون بول، تساؤلات حول وجود احتياطي الذهب في فورت نوكس، مشيرًا إلى احتمال نفاد هذا الاحتياطي.