إلغاء مباراة الأرجنتين واسرائيل في القدس بعد ضغوط فلسطينية

ألغيت المباراة الودية في كرة القدم التي كانت مقررة السبت المقبل في القدس بين المنتخبين الأرجنتيني والاسرائيلي، بعد احتجاجات فلسطينية اعتبرها الاحتلال “إرهابا كرويا”، بينما رحب بها الجانب الفلسطيني.
وأثارت المباراة التي كانت ضمن استعدادات الأرجنتين لخوض نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا (14يونيو-15 يوليو)، اعتراضات فلسطينية استهدفت خصوصا مشاركة نجم نادي برشلونة الاسباني ليونيل ميسي ذي الشعبية الكبيرة بين الفلسطينيين والعرب، فيما لم يحبذ لاعبو المنتخب وجهازه الفني خوضها لأنها ستتطلب منهم السفر الى اسرائيل قبل أسبوع من المونديال.
وأعلنت السفارة الاسرائيلية في بوينوس ايريس فجر الأربعاء “تعليق” المباراة على خلفية وجود “تهديدات واستفزازات” بحق ميسي، ما أثار غضبا في اسرائيل وتحميلا للمسؤولية للجانب الفلسطيني.
وقال المسؤول في الاتحاد الاسرائيلي لكرة القدم روتم كامر “نحن نواجه إرهابا كرويا من الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ورئيسه (جبريل الرجوب)”، متهما الجانب الفلسطيني بتهديد اللاعبين الارجنتينيين وعائلاتهم.
وشدد على ان ما حصل يمثل “تجاوزا لخط أحمر ولا يمكن ان نقبله”، وان اسرائيل ستتقدم بشكوى الى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
وكان وزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان أعرب الأربعاء عن أسفه لأن المنتخب الأرجنتيني “لم يقاوم ضغوط الذين يضمرون الكراهية لاسرائيل وهدفهم الوحيد انتهاك حقنا الاساسي في الدفاع، وتدمير اسرائيل”.
في المقابل، رحب الرجوب بإلغاء المباراة، معتبرا اياه “بطاقة حمراء من الجميع في وجه الاسرائيليين لإفهامهم ان لديهم الحق في تنظيم، في لعب كرة القدم ضمن حدودهم المعترف بها دوليا”.
وأضاف “لا اعتقد ان هذا انتصار سياسي. أولا هو انجاز رياضي”.
وكان الرجوب قد دعا الأحد لـ “حرق” قميص ميسي وصوره في حال شارك في المباراة. والثلاثاء، تظاهر جمع من المحتجين خارج مقر معسكر تدريب المنتخب الأرجنتيني في مدينة برشلونة الاسبانية تحضيرا للمونديال، حاملين قمصانا للمنتخب ملطخة بالدماء، وداعين ميسي لعدم خوض المباراة.
وبحسب وسائل الاعلام الاسرائيلية، أجرى رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو اتصالا ليل الثلاثاء بنظيره الأرجنتيني ماوريسيو ماكري في محاولة للإبقاء على المباراة، الا ان الأخير رد بأنه غير قادر على التدخل.
وكان وزير الخارجية الأرجنتيني خورخي فوري قد أشار ليل الثلاثاء الى ان “الحملة التي انتشرت في وسائل الاعلام، التهديدات بحق اللاعبين (في حال ذهبوا للعب)، حمل قمصان (للمنتخب) ملطخة بالدماء، التهديدات لأقارب” اللاعبين، كلها تؤخذ في تحديد مصير المباراة، قبل تأكد إلغائها.
وانتقد الجانب الفلسطيني مرارا رغبة اسرائيل في تحويل المباريات الرياضية الى مناسبة سياسية، لا سيما ان مباراة الأرجنتين تتزامن مع الذكرى الـ 70 للنكبة الفلسطينية وقيام الدولة العبرية.
وكانت استضافة أبطال العالم مرتين (1978 و1986) في القدس، مناسبة مهمة للسلطات الاسرائيلية للترويج لإسرائيل. وكذلك الامر بالنسبة الى استضافة مراحل من طواف جيرو الشهير في وقت سابق هذه السنة، علما انها كانت المرة الأولى التي ينطلق فيها الطواف من خارج ايطاليا.
وما زاد من حدة الانتقادات الفلسطينية، ان المباراة كانت ستأتي بعد أقل من شهر من نقل الولايات المتحدة سفارتها من تل أبيب الى المدينة المقدسة، ما أدى لمواجهات دامية على حدود قطاع غزة أسفرت عن مقتل حوالى ستين فلسطينيا وجرح أكثر من ألفين بنيران الجيش الإسرائيلي.
وكان الرجوب قد اعتبر الأحد ان المباراة “تحولت من لقاء رياضي الى أداة سياسية في محاولة من الحكومة الاسرائيلية لإضفاء طابع سياسي على هذا الحدث الرياضي من خلال اصرارها على ان تكون المباراة في القدس”.
وكانت المباراة مقررة اساسا في حيفا، الا انها نقلت الى القدس بدفع من وزيرة الرياضة الاسرائيلية اليمينية ميري ريغيف. وفي تصريحات للاذاعة الاسرائيلية الاثنين، أكدت ريغيف ان كلفة نقل المباراة من حيفا الى القدس بلغت نحو 694 ألف دولار أميركي، معتبرة ان “القدس تستحق كل شيكل بعدما قاتلنا من أجل نقل السفارات الى القدس، لا جدال بشأن ذلك”.
وبحسب التقارير الأرجنتينية، كان من المقرر ان يحصل الاتحاد المحلي على بدل مالي يراوح بين مليونين وثلاثة ملايين دولار أميركي لقاء المباراة. وأشارت تقارير الى ان الاتحاد المحلي قبض مسبقا 1,5 مليون دولار.
وشهدت تذاكر المباراة التي كان من المقرر ان تقام على ملعب تيدي في القدس الغربية، إقبالا واسعا لدى طرحها، وبيعت 20 ألف تذكرة (من أصل سعة الملعب البالغة 31 ألفا) في أقل من نصف ساعة.
واعتبر الرجوب ان اسرائيل يجب ان تتحمل مسؤولية “الخسارة” المالية.
ورأى ان الجانب الأرجنتيني ألغى المباراة “على رغم انه قد تترتب خسائر مادية هنا وهناك، ولكن الذي سيس المباراة هو من يجب ان يدفع ثمن ذلك. الجانب الاسرائيلي وقبول الاتحاد الاسرائيلي ان يكون أداة في يد وزيرة الشباب والرياضة او رئيس الحكومة، اعتقد انهم من يجب ان يدفع الثمن”.
وسعى الطرف الأرجنتيني الى التأكيد ان خطوته كانت رسالة “سلام”.
وقال رئيس الاتحاد المحلي كلاوديو تابيا في تصريحات للصحافيين في برشلونة “مسؤوليتي كرئيس للاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم هي السهر على سلامة لاعبيّ، ولهذا اتخذت هذا القرار. آمل في ان يتم النظر اليه كمساهمة في السلام العالمي، كرة القدم هي لعبة وتتخطى الأديان”.
أضاف “الأفعال والتهديدات دفعتنا الى اتخاذ قرار تعليق المباراة”، ملمحا الى احتمال خوضها في وقت لاحق هذه السنة.
والأربعاء، أكد متحدث باسم المنتخب رغبة اللاعبين في وضع كل جدلية المباراة الودية خلفهم، والتركيز على الاستعدادات للمونديال.
ولم يخف لاعبون وأفراد في الجهاز الفني للمنتخب الأرجنتيني يتقدمهم المدرب خورخي سامباولي، عدم حماستهم لهذه المباراة، وهي الثانية ضمن الاستعدادات للمونديال بعد ودية ضد هايتي في 29 مايو (4-صفر).
وقال سامباولي بعد تلك المباراة “لست أنا من يقرر متى نلعب وضد من”.
وكان الوزير الأرجنتيني خورخي فوري قال حول هذا الموضوع “بحسب ما أعرف، لاعبو المنتخب لا يرغبون في خوض هذه المباراة”.
وتخوض الأرجنتين أول مباراة لها في المونديال ضد ايسلندا في 16 يونيو، ضمن المجموعة الرابعة التي تضم أيضا كرواتيا ونيجيريا.
ولم يفت الرجوب الأربعاء شكر لاعبي المنتخب على موقفهم، متمنيا “ان نراهم على منصات التتويج في كأس العالم”.