“إكس” لا يموت
افتتاحية بروباجندا
على طريقة الفيلم الكوميدي الشهير “نهاية أخطر رجل في العالم” التي أبدع في تمثيلها الفنان القدير فؤاد المهندس، والتي كانت من أوائل النظريات التي تكشف السياسة الأمريكية في حروب العصابات وتوجيه العداء .. استيقظ الملايين حول العالم صباح اليوم على “تغريدة” غامضة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال فيها 5 كلمات بالتمام والكمال: “شيء كبير للغاية حدث للتو” ، وظل انشغال الملايين باستنتاج هوية هذا الحدث المهم جداً الذي أشار اليه ترامب، إلى أن جاء إعلان وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” مقتل زعيم داعش الإرهابي أبوبكر البغدادي في غارة أمريكية مساء السبت في سوريا ليحل اللغز .
وفي التفاصيل أفاد التصريح إن الغارة الأمريكية السرية جاءت بتصديق من الرئيس دونالد ترامب، مؤكدا لمجلة “نيوزويك” الأمريكية، أن زعيم تنظيم “داعش” أبو بكر البغدادي كان هدفا لعملية عسكرية سرية في محافظة إدلب السورية .
وفي واقع الأمر، فبقدر ما نجحت كلمات ترامب في الاستحواذ على اهتمام الملايين حول العالم، إلا أن الكثيرين سرعان ما ذهب اندهاشهم بمطالعة تفاصيل الحدث وذلك لعدة أسباب لعل في مقدمتها أن هذه ربما المرة السابعة أو يزيد والتي تعلن فيها أمريكا: “أنباء عن مقتل أبو بكر البغدادي”، ثم نفاجأ بخروج البغدادي مخرجاً لسانه للأمريكان وكأنه يقول لهم “أنا مثل القط بسبع أرواح” .
وحتى بعد تأكيد معلومة تصفية البغدادي، حتى الآن على الأقل، استدعت الذاكرة السياسية تكرار نفس اللعبة فيما سبق مع أبو مصعب الزرقاوي في العراق، وأسامة بن لادن “زعيم تنظيم القاعدة” في جبال تورا بورا بأفغانستان والتي دأبت أمريكا لعبها كل حين، حيث تخترع “بطل الإرهاب” وتقوم بتسمينه في المفارخ التابعة لأجهزتها من باب “تسمين الشاة قبل ذبحها” وتظل استخدامه كفزاعة لاستنزاف أموال وقدرات العرب والمسلمين لفترة معينة، وبعد أن يتحول إلى “كارت محروق” تقرر ذبحه .. كما غدرت بالرئيس العراقي صدام حسين من قبلهم جميعاً بعد انتهاء الدور الذي كان مرسوماً له في الحرب مع إيران والهجوم على دولة الكويت الشقيقة .
فعلى طريقة “عرائس الماريونت” أو قطع الشطرنج، يستمتع الكاوبوي الأمركي بممارسة لعبة تقليب الفئران على النحو الذي يخدم مصالحها في فرض سياسات بعينها على دول المنطقة لخدمة الأجندات المعروفة للقاصي والداني .
وبقليل من التركيز في دلالات العملية وتوقيتها سنكتشف أن إعلان مقتل أبو بكر البغدادي له فوائد متعددة لواشنطن، أولا من الناحية العسكرية حيث تسعى أمريكا لتوجيه رسالة للعالم بأنها مستمرة في قضائها على داعش وتبرير انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وبالتالي تخفيف الضغط على الرئيس دونالد ترامب في الداخل الأمريكي .
أمال الدلالة الأخرى فهي محاولة توظيف الحدث كنصر معنوي رمزي للرئيس ترامب في مجال السياسة الخارجية ومحاولة تكرار سيناريو باراك أوباما بعد مقتل أسامة بن لادن، لذا فقد أعلنت دوائر الإعلام الأمريكية أنه من المنتظر أن يلقي ترامب خطابا مهما في محاولة لبث رسالة معنوية قوية له أمام الشعب الأمريكي، خصوصاً في ظل عدم تحقيقه أي إنجاز في الملفات الخارجية الخاصة بأمريكا، وهو ما يسعى ترامب للاستفادة منه في معركته الانتخابية المقبلة أو لمواجهة خصومه المعارضين حالياً .
كلمة أخيرة
دائرة المكر لن تتوقف .. طالما بقيت الأطماع، أو كما يقول المثل الشعبي : “كاس وداير” .