آراءشويّة دردشة

إشاعات إشاعات .. وقفت حالنا الإشاعات | بقلم فريدة محمد عبد الغفار

لا أظن أن الراحل العظيم عبد الوهاب محمد وهو يكتب كلمات الأغنية الإستعراضية الشهيرة ” إشاعات” فى مسرحية ريا وسكينة عام ١٩٨٠ كان يظن أنه سيتحقق المشهد العبثى الحالى بعد مرور قرابة الأربعين عاما من ثورة المعلومات المذهلة والتى مكنت كل المستويات التعليمية والعمرية والإجتماعية والقاصى والدانى من الإتصال بمنتهى السهولة بالإنترنت والتواصل المباشر مع محركات البحث باللغتين العربية والإنجليزية مثل جوجل وياهو وغيرهم ولا زلنا نعايش نفس الإستعراض الشهير بكل تفاصيله .

نستيقظ صباحاً فنجد ماسورة القيل والقال و ” بيقولك” و ” صرح مصدر” و” جرت دراسة” و” تم عمل إحصائية” .. و الويل وسواد الليل فى إنتظار من يقف لحظة ليتسائل عن ماهية هؤلاء الأشخاص ويحاول زى محى الشرقاوى فى فيلم فول الصين العظيم أن يتسائل فى رد فعل طبيعى ” هو مين الى بيقولى ؟! وهو يعرفنى منين ” !

وكأن الإشاعة أصبحت مرض متقبل رغم خطورتها فالمتأنى فى مشاهد التاريخ الحديث ” الطازة جدا” يجد سقوط جيشين من أقوى الجيوش العربية سقطو بإشاعه فعندما أذيع سقوط الجيش العراقى بإشاعة حقيرة أطلقها حاقد وصدقها مغفلون انطفت جذوة المقاومة الشعبية وخارت قوة الجيش .

وفى تاريخ الحروب بالكامل لعبت الإشاعات دور البطولة فمن حرب طروادة إلى حرب أكتوبر المجيدة كانت الإشاعات طُعم إلتقمه أحد الاطراف بسذاجة وكان سمه القاتل الذى لا ترياق له .

وفى أحد خطابات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى تخريج دفعة من دفعات الكليات العسكرية عندما صاح مذهولا ( ٢٢ ألف شاعه فى تلات شهور !!) كأنه قدح زناد الأزمة الحالية للوعى الجمعى الشعبى بالكامل .. فإذا كنت تحب وطنك بصدق يجب أن تحبه بوعى حتى لا تكون الدب الذى قتل صاحبه بحسن نيه .

وصدقنى عزيزى القارئ مهما كان حسن نية من يصدر لك المعلومة إذا لم يدعوك للبحث وتشغيل عقلك والتأكد بنفسك فلتقل على مصداقيته يا رحمن يا رحيم، فالأوطان تبنى بالعقول والوعى والوعى قضية منفصلة عن مستوى التعليم ففى مصر كان الفلاح الفصيح بكل أُميته أوعى وأذكى وأكثر خبرة حياتية من أصحاب رسائل الدكتوراه والدرجات العلمية .

الإشاعة رصاصة يطلقها حاقد وناقم ويصدقها ضعيف ومغفل وإن كان قدرنا أن نقاتل الذئاب الحاقدة والناقمة فيجب علينا أن نرفع درجة التنبه القصوى فى العقول ونطالب كل من حولنا بالبحث والسؤال عن المصدر بل وتخير وإنتقاء درجة دقة المصدر حتى لا نكون فى صورة المحب العالة على وطنه، ولا نستطيع ان ننكر دور الدولة والمسؤولين فى توفير المعلومات من خلال الوزراء شخصيا او المتحدثين الرسميين وإن طال الوقت فإنه يكون بسبب تحرى دقة وصحة التصريح وبالتالى الدور الرئيسى الذى يلعبه وعى وتقبل المتلقى هو المحك الرئيسى والمنجى الآن .

فالمتقلى هو رمانة الميزان وحائط الصد الرئيسى فى وجه سهام الاشاعات فإذا كانت لدينا وسيلة سهلة ومتاحه للسؤال عن المصدر وتقييم درجة دقته والتأكد حتى من صحة الصور المنشورة فى زمن الفتوشوب والتركيب فلماذا تستشرى الإشاعات بكل هذا الكم ويتم محاربة من يكذبها او ينفدها ؟!

الإشاعات أحد أشكال الارهاب الفكرى وكل مواطن عاقل ومحب لوطنه وشريف، له دور فى مواجهة هذا الوباء بالبحث والتصميم على معرفة مصدر الخبر الموثوق من متخصص او مسؤول حتى يتسنى للمجتمع القضاء على هذه الموجات الفيروسية التى تحطم عزيمة المجتمع وتسطح وعيه .

ولنتخذ من كل جنودنا الساهرين على حدود الوطن قدوة لنا فإذا كان جنودنا أسود على الحدود فقد حان الوقت ليكون وعى المجتمع حاضر دائما وموجود .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى