افتتاحية بروباجنداتحقيقات و تقاريرعاجل

إرادة الحياة تنتصر.. مصر اطلقت استراتيجية التعايش الآمن مع كورونا

افتتاحية بروباجندا

ماذا تفعل إذا كان أمامك خياران لا ثالث لهما: إما أن تموت مرضاً، أو جوعاً .. في الواقع إن الإجابة على هذا السؤال كان بمثابة المعضلة الكبرى والمحك الأساسي لأي دولة بكافة مؤسساتها لتحقيق أعلى قدر من التوازن بين الخطرين الداهمين .

فلا ينكر أحد حجم التحديات الخطيرة التي تواجه دول العالم إزاء استفحال فيروس كورونا المستجد طوال الشهور الستة الماضية، ولعل في مقدمتها زيادة الأعباء المالية المخصصة للقطاع الصحي، مع استمرار نزيف الخسائر الاقتصادية المترتبة على حالة الاغلاق التي تم فرضها على أغلب المنشآت التجارية والصناعية لمحاصرة انتشار الفيروس في أضيق نطاق .

وفي ظل انشغال العالم بالبحث عن إجابة على هذا السؤال المصيري: متى تعود الحياة إلى طبيعتها، على إثر حالة التجميد التي اجتاحت أغلب بلدان العالم لوقف انتشار فيروس كورونا القاتل، خصوصاً بعد أن تضررت جميع شرائح المجتمع على النحو الذي شهدناه في كثير من الدول الثرية والتي قررت اللجوء للاستدانة لتغطية توابع الركود الاقتصادي الذي خلفه الوباء والذي لم تفلت منه أعتى المجتمعات الصناعية .. في ظل كل هذا لم يكن هناك بديل آخر سوى عودة الحياة الطبيعية إلى سابق عهدها مع اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للوقاية من الإصابة بالفيروس الخطير .

وضمن خطة التعايش الآمن مع فيروس كورونا ،، تشهد مصر التطبيق العملي للبرنامج الذي أعلنه رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولي والذي يتضمن عددا من القرارات المتعلقة بإعادة فتح البلاد بالتماشي مع خطة الحكومة “التعايش مع فيروس كورونا” والتي تشمل الفتح التدريجي لبعض الأنشطة والقطاعات التي كان تم تعليقها طوال الشهور الماضية وفي مقدمتها فتح دور العبادة من مساجد وكنائس لأداء الشعائر اليومية مع استمرار تعليق الشعائر الأسبوعية .

كما أعلن مدبولي عودة المواصلات العامة على أن تغلق منتصف الليل بالإضافة لإعادة فتح المطاعم والمقاهي بداية بما يعادل 25 في المئة من طاقتها الاستيعابية، وبدون تقديم الشيشة، على أن تغلق في العاشرة مساء، وعودة فتح المحلات والأسواق التجارية على أن تغلق في التاسعة مساء، مع استمرار غلق الأماكن ذات الكثافة الكبيرة المتوقعة كالحدائق والمتنزهات العامة والشواطئ العامة .

ومع التسليم بأن مسألة التعايش مع كورونا قد تكون الخيار الأخطر، لكنها أيضاً الخيار الوحيد المتوافر بين أيدي البشر حاليا فهي وإن كانت معادلة في غاية الصعوبة، لكن ربما ما يقلل من خطورتها مقدار النجاح في تحقيق التوازن بين أهمية حياة البشر وصحتهم من جهة، وأولوية ذلك وبين تحريك عجلة الاقتصاد والحفاظ على استمراره ونجاحه من جهة أخرى .

ويبقى الرهان الأكبر على نجاح هذا الخيار هو وعي الفرد، ومدى اتباعه كل التعليمات وحماية نفسه ومن يحب والمجتمع من تفشي هذا الوباء ، فمما لا يقبل الشك أن الحكومات وحدها لن تستطيع تحقيق العبور الآمن مهما بذلت من جهود وعزّزت من إمكاناتها الطبية ، فإنها لن تستطيع الصمود دون وعي وتعاون أفراد المجتمع .

فتدلل جميع الدراسات العلمية وتصريحات منظمة الصحة العالمية أن خطر الفيروس سيظل باقيا مدة طويلة قد تمتد نحو عامين لحين انتاج لقاح واقي من الفيروس أو علاج آمن، وبالتالي فإنه يتحتم على كل دول العالم أن ترتب نفسها للتعايش مع كورونا لهذه الفترة خصوصاً في ظل الخسائر الفادحة التي تكبدها العالم أجمع بفعل هذه الأزمة، كل ذلك جعل العديد من الدول تعيد الحياة جزئيا إلى النشاط الاقتصادي وعمل المؤسسات الاقتصادية .

ولاستمرار التعايش مع وباء كورونا فإننا بحاجة إلى استثمار هذا الرصيد من الثقة بين المواطن والحكومة في تسريع إنجاز الإصلاحات والتحديثات التي باتت ضرورية مثل: “بناء واستكمال المشروعات القومية الكبرى ودعم آليات “الدفع الالكتروني” و”التحول الرقمي” و”التعلم عن بعد” و”العمل عن بعد” و”تنظيم مواعيد عمل المحلات التجارية”، ودعم قطاعي “الصحة” و”البحث العلمي”، وكذلك “تأمين العمالة غير المنتظمة” .

وكل هذا يحقق انجازات مبهرة في ضوء تعزيز القدرة على تغيير الاستراتيجيات التي تعمل بها الدولة باستمرار بحسب مستجدات الأمور، وهو ما يفرض على كل مسئول في موقعه الاضطلاع الكامل بمهام وظيفته ووضع سياسات تتضمن التركيز على أشكال أكثر عملية لحل المشكلات، ووضع السياسات على أساس كل حالة على حدة، مع العمل على تقوية المؤسسات كي تساعد صانعي السياسات على تصحيح المسار بمرور الوقت وتكون مرنة في الاستجابة للتغيرات في الاستراتيجيات.

إعادة فتح الحياة ليس معناها أن نستهتر بالإجراءات الاحترازية، وأن نضرب بعرض الحائط جميع التعليمات التي تلقيناها خلال الشهور الماضية، إنما من الضروري أن نتخذ جميع التدابير الوقائية لمنع الفيروس من الوصول إلى بيوتنا، والطريقة سهلة إن كنا واعين في تصرفاتنا ومسؤولين عن قراراتنا .

إن القرارات التي تم اتخاذها في السماح بممارسة الأنشطة التجارية لم تكن إلا قرارات مدروسة، بعد أن تم تعقيم جميع المرافق العامة، وتزويدها بكل المتطلبات التي تضمن سلامة روادها، وبعد التأكد من أن من يديرون هذه الأماكن والمسؤولين عن تطبيق الإجراءات الاحترازية أصبحت لديهم المعرفة الكاملة لكيفية التعامل مع الظروف كافة، وأصبحوا على قدر من الثقافة لمواجهة هذه الجائحة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى