انهمك عالم الفيزياء في تجاربه طوال الليل، وكان قد قضي نهاره أيضا داخل معمله المزدحم ، يتنقل بين أدواته العلمية ، يفحص و يراقب و يفكر و يسجل النتائج . لم يكن يستقبل أحد أو يتحدث الى احد ، غير أن الكائن الوحيد الذي تجرأ على اقتحام هذه الخلوة كان قطه قد فرضت وجودها على هذا العالم ،وعاشت معه تقاسمه الوحشة في معمله.
و لعله تقبلها في بادئ الامر مكرها، اذ لم يكن لديه وقت لطردها، الا انه فيما بعد أنس لها و تعود على وجودها .. لم تكن القطه متبتله مثله، فما أن استقرت داخل معمله، حتي تزوجت و انجبت قطتين صغيرتين عاشتا معها في بيتها العامر، و مرة اخرى تحمل العالم على مضض ضيوفه الثقلاء من المستعمرين الجدد و لكن ما كان يثيره و يفقده صوابه هو ذلك المواء الحاد الذى تصدره القطط الثلاثة حين تعلن عن رغبتها في الخروج، فيضطر الى الاسراع بفتح الباب ثم العودة سريعا الى تجاربه، وما يكاد يستعيد تركيزه حتي تعود القطط مره اخرى تعلن بصوت اكثر ازعاجا عن رغبتها في الدخول، فيقفز ليفتح الباب، ومع تكرار رغبات القطط في الدخول والخروج كان لابد للعالم ايجاد حلا سريعا و انسانيا فأستدعي نجارا واعلمه برغبته في عمل ثلاث فتحات في الباب احداهن واسعه تسمح بمرور القطه الام و الثقبين الاخرين ضيقين لمرور الصغيرتين على ان يمر بين الحين و الاخر لتوسيع الفتحتين الصغيرتين لتناسبا نمو القطتين.
نظر النجار الى العالم بذهول و قال ” عفوا يا سيدى .. فلا يليق بإنسان بسيط مثلى ان يراجعك، لكن لماذا ثلاث فتحات ؟ ..ان الفتحة الواحدة الكبيرة التي تسمح بمرور القطه الام ستسمح ايضا بمرور القطتين الصغيرتين وراءها .. افاق العالم الكبير و ادرك ان عقله يفكر بطريقه حسابيه بحته جعلته يتصور ان عدد الفتحات لابد ان يتطابق مع عدد القطط.
و رغم غرابه هذه القصة و طرافتها الا انها تقودنا الى موضوعنا و هو كيفيه الهروب من الاجهاد الذهني وزيادة التركيز سواء في العمل او الدراسة وخاصة اننا على مشارف عام دراسي جديد فإليكم بعض نصائح المتخصصين لزيادة التركيز:
اولا: ابتعد عن الشرود الذهني و هو مشكله يعانى منها الكثير من الناس، ليس فقط اثناء الدراسة أو في العمل بل في سائر أمور حياتهم والتي قد تتفاقم بسبب كثره مشاكل الحياه أو احلام اليقظة او التخيلات الزائفة.
ثانيا: حاول الحصول على قدر كاف من النوم، حيث أكدت دراسة فلنديه ان عدم الحصول على نوم جيد يؤثر بشكل كبير على القدرة على التركيز اثناء العمل او الدراسة.
ثالثا: ايقاف التلفاز أو الراديو اذا كنت ترغب في التركيز و انجاز الامور بسرعه بل واحيانا تحتاج الى اغلاق الهاتف الخاص بك.
رابعا: ضع لنفسك أهدافا واضحه و قابله للتحقيق، قم بإنجاز ما لا يقل عن مهمه واحده كل يوم لأنها ستدفعك نحو انجاز هدفك.
خامسا: تنظيم الادوات الخاصة بك، فإذا كان عملك يتطلب ادوات كالورق و الاقلام و اجهزة الكمبيوتر و الأجندة او المفكرة و كذلك الاوراق الصفراء للتذكير و تسجيل الملاحظات، رتب الادوات بحيث يمكنك العثور عليها بسهوله ، هذا سيمنحك ثقه اكبر بنفسك .
سادسا: قم بتشجيع نفسك، قل لنفسك انك ناجح و تستطيع اتقان عملك على اكمل وجه، و سوف تبقى ايجابيا و محفزا طول اليوم.
سابعا: اعط لنفسك مهله قصيرة لاسترجاع طاقتك اذا كنت تجد نفسك تعانى من الاجهاد، توقف عن العمل او الدراسة و اذهب للتنزه أي اهرب بعقلك بعيد عن الاجهاد الذهني.
ثامنا: تعلم مهارات التواصل الجيد سواء مع مديرك او احد زملائك في العمل او في مدرستك، تأكد من انك تصغي بتمعن الى ما يجب القيام به و طرح الأسئلة حول أي جانب من جوانب المهمة التي ليست واضحه فالاتصال السلبي يؤدى الى الارتباك وقد تجد نفسك في دوامه مفرغه النهار بأكمله لأنك لم تفهم ما طلب منك .
تاسعا: حافظ على لياقتك البدنية، عبر ممارسه الرياضة كالجري على سبيل المثال، فمن شان ذلك ان يرفع القدرات العقلية كالتركيز، حيث تجعل الشخص اكثر ثقه بنفسه، ايضا ممارسة العاب التفكير والذكاء، مثل الكلمات المتقاطعة وغيرها والأفضل ممارسة الأعمال اليدوية التي تساعد على التركيز بشكل كبير.
عاشرا: اكدت دراسات المانية ان عدم شرب قدر كاف من المياه يؤدى الى ضعف التركيز اثناء الدراسة او العمل و لذلك ينصح الاطباء بشرب لتر و نصف لتر يوميا.
و أخيرا الاهتمام بوجبه الافطار وتناول الاطعمة التي تساعد على زيادة التركيز كالفواكه الطازجة والخضار والكثير من زيوت أوميغا 3 الموجودة في الأسماك الزيتية مع التقليل من الوجبات السريعة و التي تحتوى على نسبه عالية من الدهون.
