أشاد الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية السفير محمد الربيع بالدور الكبير والمهم الذي يقوم به الرئيس عبد الفتاح السيسي على الصعيدين العربي والدولي للتصدي للمؤامرات التي تحاك ضد العالم العربي وتعرقل خططه نحو تحقيق التكامل الاقتصادي.
وقال الربيع ، في حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط،” إننا نرى الرئيس عبد الفتاح السيسي يقوم بجولات وزيارات للدول العربية ودول العالم المختلفة لتأكيد أن الإنسان العربي لديه رؤية في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان في الوطن العربي، وعدم إغفال ملفات وقضايا مهمة أخرى مثل التعليم والصحة وخلق فرص العمل وغيرها في المنطقة”.
وأضاف الربيع” نحن أمامنا جهد كبير وأمام قيادتنا عمل كبير ولابد أن يواكب كل مواطني الدول العربية ومؤسسات الوطن العربي هذا التوجه للقيادات في دحر الاتهامات الباطلة التي ظلت تكبل قدراتنا وإمكاناتنا وما نسعى إليه من خطط و برامج والتي لو تم تنفيذها لاستطعنا أن نحول وطننا العربي إلى منطقة اقتصادية مهمة تسابق التكتلات والتحالفات كافة التي تتنامى في العالم في عصر الكيانات الكبيرة”.
ونوه الربيع بمنطقة (نيوم) التي تم إطلاقها في الرابع والعشرين من شهر أكتوبر الماضي والتي ستكون منطقة اقتصادية كبيرة تضم مصر والمملكة العربية السعودية والأردن، مؤكدا أن هذه الخطوة تمثل تجربة مهمة وستكون بادرة طيبة يتم التعامل معها في ظل التقارب الاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه الدول العربية والثقافة والعادات والتقاليد العربية الواحدة، مشددا على أهمية بذل المزيد من الجهود من أجل أن يحصل المواطن العربي على الرفاه الاقتصادي والاجتماعي.
وأكد أهمية العمل على جذب الاستثمارات إلى منطقة قناة السويس، مشيرا إلى أنه يتم الآن وضع إطار تسهم فيه عدد من الاتحادات العربية النوعية المتخصصة وهيئة قناة السويس للإعداد لاجتماع تشاوري سيعقد في 14 فبراير المقبل بالأسكندرية، وذلك في إطار الإعداد والتحضير لمؤتمر كبير حول الاستثمار في منطقة قناة السويس.
وقال” نريد أن نستثمر كل سنتيمتر واحد من منطقة قناة السويس تلك الأرض الغالية التي تمثل رمزا للكرامة العربية والاعتزاز بأنها أرض سطرت انتصارات المواطن العربي أمام مخططات الأعداء على مر السنين”.
وأضاف” هذه منطقة للسلام والاقتصاد والرخاء ومنطقة لخدمة الإنسانية جمعاء وسيكون المؤتمر مبشرا بالخير لأنه لدينا الكثير من الشركات والمؤسسات على مستوى دول العالم استجابت وبادرت مبدئيا للمشاركة وحضور هذا المؤتمر”.
وتابع” إن لدينا عددا كبيرا من الفرص الاستثمارية ولكن نستهدف التكنولوجيا والبرمجيات والإلكترونيات ونريد لهذه المنطقة أن تجذب الاستثمارات في المجالات التي لا تصنع في الوطن العربي وخفض فاتورة الاستيراد ليس في مصر فقط ولكن في الوطن العربي بأسره”.
وأضاف” من المهم أن نستثمر في هذه المنطقة في السلع التي لا ينتجها الوطن العربي، وبالتالي ستكون هناك دراسات نوعية متخصصة ودقيقة بهذا الشأن من أجل خلق صناعات يطلق عليها “صنع في الوطن العربي” لتنافس خارج المنطقة العربية خاصة في ظل الإمكانات والموارد الكبيرة التي يمتلكها العالم العربي”.
وأشار إلى أن الدول العربية مستوردة للغذاء ولوسائل تكنولوجيا المعيشة، لافتا إلى أن إيرادات الدول من أسعار النفط والتي بدأت منذ العام 1933 لم تحقق استراتيجية التكامل الاقتصادي العربي وفق المزايا النسبية لكل دولة.
وقال الربيع” إنه لم يتحقق على أرض الواقع إلا أربع شركات فقط لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، و مازالت حتى اليوم ماثلة على الأرض العربية وتتنامى وتكبر يوما بعد يوم وهذا مؤشر أن الاقتصاد العربي عندما يتكامل يكون له صدى وتوسع خاصة في ضوء الإمكانات والموارد الهائلة والموقع الجغرافي المتميز للعالم العربي”.
وأشاد بالقمم الاقتصادية التنموية والاجتماعية العربية والتي تتناول ملفات تتعامل مباشرة مع القطاع الخاص العربي والذي أهمل كثيرا، مؤكدا أهمية العمل على أن يكون هناك دور للقطاع الخاص يتحمل من خلاله المسؤولية للنهوض بالاقتصاد العربي وتنفيذ مخرجات القمم والقرارات الاقتصادية العربية ونقل التجارب الناجحة والتعامل مع كل جديد تتعامل معه البشرية وفق التقدم العلمي والتكنولوجي الذي نراه في ظل ثورة الاتصالات والمعلومات الذي تسبح فضاءاته في سماوات العالم ومنها سماوات أمتنا العربية والتي تمر علينا مرور الكرام ولا نلتقط أية تجربة منها لنطبقها على الأرض العربية.
وردا على سؤال حول كيفية تحفيز القطاع الخاص لأن يلعب دورا مهما في منظومة الاقتصاد العربي؟، قال الربيع” إن القطاع الخاص غيب طويلا عن مشاركته في اتخاذ القرار، ولكن بدأ الآن يشعر بأنه مهم في الحضور والمشاركة في المؤتمرات التي يحضرها القادة والملوك والرؤساء العرب”.
وأضاف” إن القطاع الخاص يبحث عن التشريعات والمناخ الاستثماري الذي يحفظ حقه وأمواله، مشيرا إلى أن الدول العربية تتسابق الآن في تقديم الامتيازات في ظل قوانينها وتشريعاتها الاستثمارية والضريبية وحرية دخول وخروج الأموال”.
وتابع ” هذا مؤشر جيد سيجذب رؤوس الأموال المهاجرة وسيضع القطاع الخاص أمام مسؤولياته الحقيقية الوطنية القومية العربية ليتعامل مع الواقع الذي نعيشه..معربا عن ثقته في أنه في ظل الحراك الجديد للقيادات العربية فإن رؤوس الأموال لن تجد مكانا آمنا ومستقرا للتعامل مع القضايا المتعددة في الاستثمار إلا في دول الوطن العربي وهذا ليس لرأس المال العربي فقط ولكن أيضا لرؤوس الأموال الأجنبية”.
وحول ملف السوق العربية المشتركة ودور مجلس الوحدة الاقتصادية العربية لإنشاء تلك السوق، أشار الربيع إلى أن المجلس أصدر قرارا بشأن تلك السوق عام 1964 وكانت تلك الخطوة انطلاقة قوية في ظل القومية العربية التي كانت تتصدر اهتمامات المواطنين والقادة العرب.
وأضاف” إنه للأسف الشديد سبقنا الاتحاد الأوروبي في هذا المجال بإنشاء السوق الأوروبية المشتركة، والتي جاءت بعد إعلان السوق العربية المشتركة ونرى الآن الاتحاد الأفريقي يسابق الزمن في الوصول إلى سوق أفريقية مشتركة ، والآسيان وصل إلى ما وصل إليه”.
وأكد أن الوصول إلى السوق العربية المشتركة لن يتأتى إلا بالإرادة السياسية والإيمان بأننا كعرب لابد أن نتحرك كفريق واحد وأن نقدر مصلحة الإنسان العربي على أن تراعى المصالح العليا للدول العربية.
كما أكد أن الأمل موجود في الشباب العربي وهو قادر على صنع المستحيل فلديه القيادة والابتكار في تحقيق نجاحات كبيرة، معربا عن أسفه لتواضع مناهج التعليم في العالم العربي وبعدها عن التعامل مع التطوير الذي طرأ على تلك المناهج على مستوى العالم.
وقال الربيع ” لا زالت جامعاتنا العربية مخرجاتها لا تتعامل مع احتياجات سوق العمل وبالتالي لابد من أن نحدث ثورة بين وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والإصلاح الإداري والتضامن الاجتماعي والتخطيط وأن يكون لدينا هدف استراتيجي نصل إليه وتحديد احتياجاتنا في السنوات المقبلة”.
وشدد على أهمية وجود استراتيجيات للتعليم تتماشى مع مفردات التنمية وأذرعها المختلفة حتى نغذي المجالات المتعددة بكفاءات قادرة على النهوض بها وتحقيق نجاحات تستطيع أن توازي النجاحات التي تتحقق على مستوى دول العالم، وضرورة العمل على تقليل فاتورة الاستيراد للعالم العربي والتي تصل إلى قرابة التريليون دولار أمريكي سنويا، مشيرا إلى أنه لو تم استثمار ربع هذا المبلغ في المنطقة العربية لتغير الحال كثيرا نحو الأفضل.
ودعا الربيع إلى إنشاء صناعات متكاملة في العالم العربي إذ يمكن من خلال ذلك خلق فرص العمل المختلفة والقضاء على البطالة والوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من احتياجات المنطقة وزيادة الصادرات وتقليل فاتورة الواردات.
وحول سبل جذب الاستثمارات العربية في الخارج والتي تتجاوز تريليوني دولار أمريكي، قال الربيع إن رأس المال يبحث عن الأمان والاستقرار والديمقراطية وحقوق الإنسان، مضيفا ” إن الدول العربية خُطط لها طويلا لأن تكون في هذا الوضع الذي نحن نعيشه”، مشيرا إلى أن هذا لم يأت من فراغ بل من خلال تدمير كامل لثقة الإنسان العربي في وطنه بما فيها المستثمر، لافتا إلى أن مئات المليارات من الدولارات خرجت من العالم العربي بعد ثورات الربيع العربي.
وبشأن دور مجلس الوحدة الاقتصادية في تنظيم التجارة والاستثمارات البينية بين الدول العربية، قال الربيع” إنه منذ أن بدأت منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى في العام 1998 وحتى العام 2005 عندما انتهت هذه المنطقة إلى التخفيضات الجمركية إلى “الصفر” وأيضا الضرائب والرسوم ذات الأثر المماثل إلا أن التبادل التجاري واجه صعوبات ومعوقات وظلت نسبة التجارة العربية البينية تتراوح ما بين 8.5 في المائة إلى 10 في المائة “.
وأرجع الربيع ذلك إلى العديد من الأسباب من بينها أننا لم نكن على بينة بأن منطقتنا العربية تستفيد منها شركات ومؤسسات اقتصادية كبيرة خاصة، وأنه سوق كبير يتنامى بمعدل 10 ملايين فرد سنويا بنسبة نمو سكاني 3.9 في المئة وهي أعلى معدل نمو سكاني في العالم.
وقال” إن التوقعات تشير إلى أن عدد سكان الوطن العربي سيصل في العام 2050 إلى 600 مليون نسمة مقابل 412 مليون نسمة حاليا، مشيرا إلى أن هذا السوق الكبير لديه موارد تتنامى في الوقت الذي تخطط فيه شركات عالمية لأن يكون هذا السوق مصدرا لدخولها وتسويق منتجاتها.
وأضاف” إن وكلاء هذه الشركات في المنطقة دائما ما يعملون في الخفاء على هدم وعرقلة وبث الشكوك في أي صناعة عربية يمكن أن تحل محل هذه الصناعات لتظل الصناعات الأجنبية تسيطر على السوق العربي وتستحوذ على نصيب الأسد فيه”.
وقال الربيع” إن النقل البري هو أغلى أنواع النقل على مستوى العالم وفي الدول العربية يتم نقل نحو 90 في المائة من المنتجات والسلع العربية عبر النقل البري ولا يوجد لدينا خطوط نقل ملاحية منتظمة، كما لا توجد خطوط نقل تربط دول المغرب العربي بالمشرق العربي، مشيرا إلى أن دول المغرب العربي تستورد السلع من أوروبا بشكل أرخص وأسرع إذا ما استوردتها من دول المشرق العربي”.
وأضاف” لدينا صناعات عربية القيمة المضافة فيها للمكون العربي قليلة وهذه مسألة تستفيد منها الدول من خارج الوطن العربي وهو ما يتسبب في عدم استفادة دول المنطقة من الإيرادات الجمركية وإهدار إيرادات كبيرة يمكن أن توجه إلى التنمية”.
وتابع الربيع” لذلك لابد أن يكون لدينا برنامج جديد للتعامل مع قواعد المنشأ التفصيلية ومع المواصفات والمقاييس العربية للسلع العربية وكيف يمكن أن توحد هيئات المواصفات والمقاييس والقطاعات التي تتعامل مع السلع العديدة التي تتزاحم بها أسواقنا العربية وتستأثر بدخل المواطن العربي ودخل الأمة العربية جمعاء”.