أفكار شيطانية| بقلم وسام سمير

” لا شك ان البشرية قد ادركت اخيرا ان الحرب ماهي الا دمارا عاما وهلاكا مؤكدا لكل أطراف النزاع، قد أدركنا الحقيقة لكننا لم نملك آلية الوصول اليها بعد ذلك، لان قادة الشعوب لا يتحملون المسئولية الكونية الملقاه علي عاتقهم، ومع بداية القرن العشرين تفجرت طاقات الجنون المتوحشة وتبلورت أفكار شيطانية كان الهدف منها هو اراقة الدماء وزهق الأرواح البريئة من كافة بقاع الارض تقريبا فقد حصدت آلة الحرب أعدادا يقف أمامها العقل مذهولا فقد خسرت روسيا اكثر من ٢٥ مليون إنسان علي يد أعداءها وأكثر من ١٠ مليون نفس علي يد حكامها وعلي رأسهم كان جوزيف ستالين الذي ترك جيشه العملاق بلا قيادة في لحظة مصيرية فاصله فهلك ملايين الأبرياء وكاد ان يسقط عرش القياصرة لولا استبسال الشعب الروسي العظيم، وملايين اخرين أخذهم موت الحروب في حيّز زمني صغير جدا اذ تمت مقارنته بالعمر المديد للبشرية علي الارض، فالديكتاتور النازي اودولف هتلر اراد ان يصنع مجدا شيطانيا لنفسه من خلال الحرب فسقط الشعب الألماني ضحية بين انياب الموت والقهر والجوع وكذلك فعل موسوليني، الامثله كثيرة وانهار الدماء لا تنتهي، واتيكم بهذه الحوار الصغير الذي دار بين الثلاثة الكبار المتحكمين في مصير البشر : “في أواخر عام 1943، خلال اجتماع على مائدة العشاء الثلاثية في مؤتمر طهران، الزعيم السوفياتي، جوزيف ستالين، اقترح إعدام من 50،000 إلى 100،000 من ضباط الأركان الألمان.
الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، ألمح مازحا أنه ربما سيعدم 49،000 .
تشرشل، ظنا منه أن هذا سيكون خطيرا، استنكر فكرة “إعدام بدم بارد لجنود حاربوا من أجل بلادهم” وانه سوف بدلا من ذلك “يؤخذ به إلى الفناء ويطلق النار” على نفسه بدلا من المشاركة في أي إجراء من هذا القبيل”.
[ ولكن اليوم علينا ان نتكلم عن المثل الكامن في اعماق كل مصري انه نصر أكتوبر، النصر الذي حدث في أكتوبر لم يكن مفاجاة للمصريين بل كان للعدو فقط، فقد حارب المصريين في داخلهم اولا وأدركوا معني قوة الوجود وعظمة النصر، فقد جذر فينا اجدادنا عقيدة الحياة والخلود.
فتحمل الجيل الذهبي المسئولية وخاض الحرب معتمدا علي قوة العزيمة وعلي الرغم من ان قوة العدو كانت كبيرة وإمكانياته تضاهي القوات العظمي الا انه وقف مذهولا من هول الهجوم وسرعة الاقتحام وأدرك بعد عدة ساعات انه امام خصم عظيم يمتلك إرادة حديدية ولا يقهر بسهوله كما كان يظن، فقد كانت حربا خاطفة تجلت فيها عبقريات هندسية ولوجستية وحربية هائلة وذهب اكثر من ٨٠٠٠ آلاف شهيد فداءا لارض مصر
ونحن اليوم امام عبورا اخر مختلفا علي المستوي التكتيكي والخططي الا انه نفس التحدي وبنفس القوة والجبروت، فعبور اليوم يتطلب منا جميعا اليقظة والضمير الحي كي ندرك اننا امام حصنا منيعا اسمه الفقر والجوع والتهميش لفئات الشعب الأكثر عددا والأكثر مرارا، ففي مصر اليوم ملايين البشر يعيشون تحت خط الانسانية في اقل معدلاتها فالأسرة المصرية البسيطة لا تجد قوت يومها ولا تعرف للعلاج الصحي والتعليمي سبيلا، وهذا خطا الادارة الحالية بل هو ميراث ثقيل ال إلينا نتيجة اخطاء النظام البائد الذي قهر الأمل واغتال العدالة الاجتماعية وتحولت مصر تحت سلطانه الي أمة يرأف بحالها الجميع، فلا نلوم غير أنفسنا ولا نحاكم غير ضمائرنا، وقد مال إلينا رفق الزمان وأتي برجل يعرف معني الضمير ويقدس العمل المخلص ويشعر بنبض الفقير وهو اليوم يحارب من اجل مبادئه الراسخة فيه منذ الصغر فهذا الانسان البسيط ابن تاجر العطارة اصبح هو الحاكم لمصر ولمورثات الأجيال الضائعة، نلومه لانه يحارب الفقر ويكافح أمراض اجتماعية توغلت في أوصال النسيج العام لمجتمعنا العريق وكادت ان تفتك به، وفي نفس الوقت يحارب الدول العظمي التي تحولت الي مرتزقة تحارب من اجل المال والنفوذ ومات فيها الضمير، فقد انتحرت عظيمة أيزنهاور ونبل اخلاقه وماتت قدرات ماك أرثر ورؤيته المتفردة في احلال السلام الشامل، وقع الثعلب في الشرك الذي نصبه لنا جميعا، تتحرك الأحداث حاليا بشكل مركب ومعقد يجعل من الصعب ان يتحكم احد في أمره او في قدره، فقد سقطت ورقة الاخوان كعنصر فعال في تنفيذ خطة الشيطان التي أعدتها الولايات المتحدة وإنجلترا وتركيا وقطر وكان الرئيس المصري الحالي هو السبب المباشر بل هو القشة التي قصمت ظهر البعير، ثم سقطت الورقة الدموية داعش التي لعبت دور القاتل الشبح وهتكت في أوصال التركيبة السكانية والبنية العرقية لأغلب شعوب وأقليات سوريا والعراق، من اجل تمهيد الطريق للمخطط الصهيوني الكبير الذي بات مرتقب من دولة اسرائيل، الحقيقة الواقعة أفظع مما يتصور الكثيرين فقد عاد عصر الدماء وظلمات العقل البشري والهدف هو أزلال مصر واستعباد شعوب الشرق الأوسط باكمله وكان يجب ان تسقط مصر اولا ولكن هذا لم يحدث فتغيرت مقدرات الموقف وبات العالم علي أبواب تغيرات جذرية سوف ترسم مستقبله لمئات السنين القادمة، ما نعلمه جيدا هو ان مصر قد انتصرت وأفشلت بصمودها مخطط القرن الحادي والعشرين لذا سوف تعود الامواج لترفع قارب مصر وتذهب به الي آفاق الريادة والحضارة، هي حربا حقيقية نخوضها اليوم ولكن في الغد سوف نري مصر جديدة .