أستاذ بمعهد الفلك: تعامد الشمس على الكرنك وقصر قارون يؤكد عبقرية القدماء المصريين
كشف الدكتور ياسر عبد الهادي الأستاذ بقسم أبحاث الشمس والفضاء بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية عن التفسير الفلكي لظاهرة شروق أشعة الشمس على المحور الرئيسي لمعابد الكرنك بالأقصر، وقدس أقداس معبد قصر قارون بالفيوم ،”يوم الانقلاب الشتوي”، الذي يعد إيذانا ببدء فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي، حيث تحدث تلك الظاهرة بشكل سنوي على مدار يومي 21 و 22 من ديسمبر من كل عام.
وقال عبد الهادي، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم، إن المعبدين تم تصميمهما وبناؤهما على أساس فلكي ثابت، وهو شروق الشمس يوم الانقلاب الشتوي يوم 21 ديسمبر، وبالرغم من أن زمن الانقلاب الشتوي لا يتفق تمامًا مع موعد شروق الشمس في الموقعين المقام عليهما كلا المعبدين، حيث سيحدث هذا العام في تمام الساعة السادسة و١٩ دقيقة من صباح غد الأحد يوم (٢٢ ديسمبر) بتوقيت القاهرة، إلا أن هذه الظاهرة الفلكية تم ملاحظتها اليوم وسيمكن مشاهدتها غدا أيضا.
وأكد أن اختيار هذا التوقيت بالذات للاحتفال بتلك الظاهرة في الحضارة المصرية القديمة يؤكد عبقرية القدماء المصريين في علوم الفلك وتحديدهم يوم وموعد الانقلاب الشتوي تحديدا دقيقا، حيث كانت الشمس تلعب دورا رئيسا في طقوس عقيدة تلك الحضارة كما هو الحال في يومنا هذا حيث يتم تحديد وقت الشعائر الإسلامية بناء على حركتي الشمس والقمر.
وعن سبب اختيار القدماء المصريين الانقلاب الشتوي تحديدا دون غيره لحدوث تلك الظاهرة الفلكية، قال إن لحظة الانقلاب الشتوي في نصف الكرة الأرضية الشمالي تحدث عندما تكون الأرض في أقرب نقطة إلى الشمس عبر دورتها السنوية حولها، ولذلك يبدو قرص الشمس أكبر بعض الشيء ظاهريًا عنه في سائر أيام السنة، ما يستدعي ويستحق الاحتفاء به وخاصة أنه يحين في وقت تبرد فيه الأجواء وتحتاج الأرض إلى نوره ودفئه (عكس ما يحدث في نصف الكرة الجنوبي).
وأضاف أنه نتيجة لذلك، كان هذا اليوم (الانقلاب الشتوى)، يوم عيد وصلاة في الحضارة المصرية القديمة، ويجب التوجه ناحية الشمس لتحيتها عند الشروق، وهو ما جعل القائمين على بناء المعبدين يختارون هذين المكانين وهاتين الزاويتين لتوجيههما توجيها دقيقا.
وأشار إلى أن هذه الظواهر امتد دورها في إلهام مصممي المباني في تصميم وبناء وتوجيه مبانيهم المعتمدة على الظروف المحيطة من ناحية الإضاءة والتدفئة والتبريد لتنشأ ثقافة ما تسمى (المباني الصديقة للبيئة) التي يعتمد تصميمها على تقليل استخدام الطاقة الأحفورية ذات التكلفة العالية بالاعتماد على طاقة المكان من ناحية الضوء والحرارة ما أمكن، ويعد هذا المجال حاليا من المجالات الخصبة الثرية التي ما زلنا نعكفُ عليها لتحسين ظروف الحياة المعيشية بأقل تكلفة ممكنة.