أساتياجرا .. غاندى| بقلم عميد دكتور عمرو ناصف
موهنداس كرمشاند غاندى، الزعيم الروحى للهند إبان حركة الاستقلال التى ناهضت الإحتلال البريطاني فى أوائل القرن التاسع عشر وحتى نالت الهند إستقلالها فى الخامس عشر من أغسطس عام ١٩٤٧م.
ولد غاندى بمدينة ( بور بندر ) الساحلية غرب الهند، فى الثانى من أكتوبر عام ١٨٦٩م، وتدرج فى مراحل التعليم حتى حصل على شهادة القانون العليا من كلية لندن الجامعية للحقوق التابعة لجامعة لندن فى ١٩٨٨م، وقد كان السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة إستقلالها، بل وألهم بصمته كثير من حركات الحقوق المدنية وحركات التحرير حول العالم.
فى ذكرى مولده .. نبعث بملايين التحيات والإهداءات والدعوات للرجل الذى غير مجرى التعبير عن الحقوق، ووهب العالم أجمع مساراً للحق تفَوٌق على كل مسارات الحروب فى العالميتين، بل وتفوق على كل مسارات الإرهاب والعنف حول العالم، ألا وهو ( المسار السلمى ).
هو زعيم الإعتراض، والإضراب، والعصيانات المدنية على مر التاريخ، هو من دعى بصمتِه إلى الكثير والكثير من سُبل الإعتراض والمطالبة بالحقوق المسلوبة، وأُطلق علي سياسته إسم ( أساتياجرا )، بل وأُقرنت بإسمه حتى اليوم، وتعنى باللغة الهندية ( الإضراب والعصيان السلمى ).
بدأت ملحمته مع بريطانيا التى تحتل بلاده منذ عام ١٨٥٨م عندما فرضت بريطانيا ضريبة على ملح الطعام، والذى يستخدمه الهنود – كسائر الشعوب – طعاماً، وأحياناً كثيرة فى صلواتهم فى المعابد، وهنا بدأ صراعه ضد المستعمر عندما شن أول مقاطعة للمنتجات فى التاريخ، حين قاد مسيرة للبحر علم فيها شعبه غلىٌِ الماء لإستخراج الملح لعدم شراءه من الحكومة المستعمرة، فخسرت بريطانيا العظمى ملايين الدولارات جرٌاء تلك المقاطعة، وأعتقلته لمدة تتجاوز الثمانى سنوات متقطعة على مدار العشر سنوات الأخيرة من عمره، فكانت كلماته عبر القضبان الحديدية مدوية، والتى يذكرها العالم أجمع حتى الآن:
( فى البداية يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، فتنتصر )
.. وها قد إنتصر غاندى ..
إنتصر: عندما لم يمر سوى عام واحد من حملته حتى جلست بريطانيا العظمى لتتفاوض على طاولة واحدة مع مندوب الحكومة الهندية آنذاك، فى رسالة مبشرة للعالم أجمع مفادها ( أن النضال مهما كان صامتاً فلابد له يوماً من الوصول إلى الغاية ).
إنتصر: عندما أهدته الحكومة الهندية لقب ( مهاتما ) ( الروح العظيمة ) كأعظم لقب منح لأب روحى للهند عبر التاريخ.
إنتصر : عندما أقرت الحكومة الهندية يوم مولده عطلة رسمية وعيداً قومياً للبلاد.
إنتصر : عندما إعتبرت الأمم المتحدة تاريخ مولده ( الثانى من أكتوبر فى كل عام ) يوما عالمياً لـ ( نبذ العنف ).
إنتصر : عندما مات مقتولاً برصاص الأبدية فى ٣٠ يناير عام ١٩٤٨ ليعيش مدى الدهر فكرة، وحالة، وحائط صدٍ لكل قهر وإستعباد.
مات غاندى وعاشت عبقريته حتى اليوم، فى كل عصيان مدنى، فى كل إضراب سلمى، فى كل صمت بليغ علم العالم كيف يكون الكلام.