آراءشويّة دردشة

أرض الشهادة.. و يوم الشهيد| بقلم عميد د. عمرو ناصف

منذ اللحظة الأولى للأمر الإلهى بهبوط أبوينا آدم وحواء على وجه البسيطة ( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ )، موصومين بذنب الشجرة ( أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ )، ومكللين بالعدوانية لبعضهم البعض ( قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ ) لسابق علمه عز وجل بما تحتويه خائنة الأعين، وتبيته الأنفس، وماتخفيه الصدور، حتى بدأت أول قصص الإستشهاد لبنى آدم على وجه الأرض، حين أستشهد ( هابيل ) سعياً وراء مأربه لدى رب العزة، ولحاقاً بقربانه الذى قبلته عنايه السماء ولم تقبل من أخيه ( قابيل ) فطوعت له نفسه قتل اخيه، ليخط تاريخ البشرية أول واقعة إستشهاد فى سبيل الحق.

وتتوالى بعدها قصص الدماء تترا، والتى كان لمصرنا منها نصيب ليس بالقليل على مر الزمان، وسالت على سهولها دماء الجند والعربان، وحطت خطى ( بيبى الأول ) على السفوح والربوع و الوديان، وحامت صقور ( أحمس ) على رؤوس الجبال والتلال و الخلجان، وغردت أرواح ( ناصر والسادات ) على صفحات مياة النوبة وخط الحدود ، وإعتلى ( أكتوبر ) غرابيب أسوان السود، يخطب فى الجنود، هلموا على فرعون وثمود، يتردد صدى صيحات ( الشاذلى والجمصى وابوغزالة ) على أسوار المدائن والأبواب، وتجوب أصوات ( المنسى ومراد وفريج ) بين تلافيف الضباب، وتعبر كلمات ( المغربى وأبانوب ) فوق الهضاب، ويعلو الزفير ( شبراوى وحسنين ومحمد سمير ) ، بالشحذ تارة، والنصر تارة، وبالدعاء للنفير، لتزود أرواحهم عن ثرى البلاد المسجى بعطر الدماء، وعرق الشهداء، مكللين بالدعاء، يبتغون لمصر الأمن والأمان والرخاء، وعيش السعداء، منذ الأمس البعيد ولليوم الجديد ولغدٍ المديد، يحملون راية النضال يخطون مصائر الأمم، لم ينحنوا يوماً لملك أوصنم، يخرجون الغد من العدم.

هنا دهست العجلات وجه ( الهكسوس )، ومن هناك خرجت خيول ( صلاح الدين ) تصول وتجول وتدوس، وقد إستراحت فى ( بئر العبد والدهوس )، ومن هذا الباب توافد الطلاب، للأزهر والإمام والدروس، وعلى أسورا ( الإمام الحسين ) زرفت العيون وهدأت النفوس، من هنا مر ( إبن العاص )، وهنا صلى ( المعتصم ) بالناس، يسئلون الله السقيا يستحلفون ( العباس )، وهنا قاتل المماليك الحراس، وخرجت القوافل والفتوح تطلب النيل والزرع والحبوب، تفاتل الغريب، وعسكرت بالفرافرة فى الجنوب، ومر ( بن زياد ) على تلك الدروب.

لتستمر قصص الأرواح على طول الزمان، تحارب النسيان، لتبقى ذكريات المكان، ورجالنا الشجعان، وتولد الأساطير من جديد، ويبعث الشهيد ، بنواجز الأسود ، ويبقى رجالنا شهود، على كل نصر مجيد، ياتى من بعيد، وتكتب الأساطير بالسنين، والكتب فى عليين ، سلام عليهم فى الأولين ، ومن وراءهم الآخرين، ليوم الدين, رحمة الله على الأجمعين، كذلك يجزى الله المحسنين.

.. والحمد لله رب العالمين ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى