قال رئيس تحرير جريدة (السياسة) الكويتية أحمد الجار الله”، إن التعاون المصري مع دول الخليج، يؤسس لعلاقة عربية مختلفة عما ساد في العقود الأربعة الماضية”.
وأضاف الجار الله– في مقالته الافتتاحية بجريدة (السياسية)، اليوم الاثنين، تحت عنوان (قمة فك الالتباس بين أوروبا والعرب)– أن التحدي الأهم أمام القمة العربية الأوروبية الأولى التي تستضيفها مدينة شرم الشيخ تحت شعار “في استقرارنا.. نستثمر”، هو بعض الدول الشرق الأوسطية الداعمة والحاضنة للإرهاب، وممارساتها العدوانية التي ذاقت أوروبا بعض مرارتها منذ عام 1979، ولا يزال يعاني منها العالم العربي، مشيرا إلى أن الخطوة الأولى في هذا المجال، هي التخلي الأوروبي عن الرهان على فرص اقتصادية مرحلية مع إيران، والنظر استراتيجيا إلى التهديد الذي يمثله نظام الملالي على مستقبل المنطقة والعالم.
وقال الجار الله ” طوال قرون من الزمن كانت العلاقة بين أوروبا والعرب، قائمة على النزاع والحروب، وهذا التاريخ ترك آثاره على الطرفين، بدليل أن شعوب المجموعتين ما برحت تعاني من ذيوله، خصوصا في العقود الخمسة الماضية، بسبب الالتباس في المفاهيم حيال قضايا عدة.. هذا الإرث دفع إلى علاقات سياسية واقتصادية متفاوتة الإيقاع بين البرودة والحميمية والسخونة، لكنها لم تكسر جليد الحوار الذي كان يتراكم مع مرور الوقت، وعدم اللجوء إلى لغة مشتركة، يمكن التأسيس عليها في مستقبل مشترك لمنطقة تمثل نحو 20 في المئة من اقتصاد العالم، ولديها مقومات ثقافية، تمكنها من تأدية دور فعال عالميا”.
وأشار إلى أن كل هذا تضعه الدول المشاركة في القمة العربية- الأوروبية الأولى على طاولة البحث، لتذلل العقبات في سبيل التعاون لتحقيق شعارها “في استقرارنا.. نستثمر”، لتخرج من الشكليات، إلى البحث في عمق قضايا استراتيجية تهم الطرفين، وتؤثر بشكل كبير على استقرار المنطقة والعالم، وفي مقدمها قضايا مكافحة الإرهاب، والهجرة غير المشروعة وأزمات العالم العربي.
وقال إن المجتمعين في شرم الشيخ من الجانب العربي، غالبيتهم ينسجمون في الرؤى السياسية، بعد أن قطعت دولهم أشواطا كبيرة في التعاون بينها، على غرار مسيرة الاتحاد الأوروبي في بداياتها، حيث إن مجلس التعاون الخليجي أصبح حاليا، ورغم الأزمة الخليجية القائمة، أكثر قربا من الاتحاد، إضافة إلى أن التعاون بين مصر والسعودية في مشروعات تنموية كبيرة، ومنها الجسر الواصل بين البلدين، وكذلك الأمر بين القاهرة وأبو ظبي، وبقية عواصم الخليج العربية، يؤسس لعلاقة عربية- عربية مختلفة عما ساد في العقود الأربعة الماضية.
وأشار إلى أنه في المقابل الأوروبي، هناك اتحاد يترسخ يوميا، رغم التناقضات بين الأعضاء، ويزداد قوة في مواجهة التحديات، ولذلك فإن الحوار بين الطرفين له مردوده الإيجابي على المستويات كافة، خاصة في إزالة الالتباسات المتعلقة بالمعالجات العربية لأزمة الإرهاب التي تحولت مشكلة عالمية.
ورأى الجار الله، أن الدول المجتمعة في شرم الشيخ، يمكن أن تبدأ اليوم في شق طريقها إلى مجد جديد، عبر استغلال الفرص التي تعج بها الكرة الأرضية، ومنها المنطقة، وأن تستغل المعبر العربي إلى أفريقيا في تعميق الشراكة التنموية، مشيرا إلى أن كل ذلك لا يمكن أن يتم، إلا من خلال التخلي عن النظريات السابقة التي أفسدت العلاقة الأوروبية- العربية في الماضي، وأن تكون التنمية أساسا في المرحلة الجديدة.