أثري: إدارة إعداد القادة إداريًا وثقافيًا وعسكريًا فكرة مصرية أصيلة

أكد الدكتور حسن محمد سليمان مدير عام المكتب الفني للآثار المصرية بوزارة الآثار ، أن مصر القديمة سبقت العالم بأسره فى النظم الإدارية والاجتماعية والعرف والقوانين السياسية فقد اتخذ ملوكها نظامًا ثابتًا فى الحكم بشكل عام ، مشددا على إدارة إعداد القادة فكرة مصرية أصيلة.
وأوضح سليمان فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم أن مصر عرفت نظام الحكم الملكي والذي يقوم على الوراثة بشكل عام ، لافتا إلى أن منذ الملك “نرمر” عندما بدأ فى محاربة ومهاجمة الوجه البحرى حتى اخضعه لحكمه، عرفت مصر النظام الوراثى فى مضمونه ملكيًا فى شكله .
وقال إن المصري القديم حرص على ثبات الحكم في مصر القديمة منذ توحيد الوجهين ومع قيام الأسرة الأولى وحتى نهاية العصور التاريخية بمصر ، حيث شهد التاريخ المصرى انتقال السلطة من الأب إلى أكبر أبنائه من زوجته الملكية التى تحمل الدم المصرى ، موضحا أنه رغم أن هناك بعض الاستثناءات فى التاريخ المصري والتي شذت عن كون انتقال السلطة سلميًا عن طريق الوراثة إلا أن ذلك كان محدودًا وفى أضيق الحدود ولاسيما فى حالات حرجة مرت بها البلاد ومواقف مضطربة أو حتى بعض حالات القفز السلطوية من بعض الأشخاص نتيجة لظروف معينة ربما استدعتها ظروف البلاد وقتها.
وأضاف أنه رغم الظروف التى أحاطت بتولى ملوك مصر وجلوسهم على عرش اعظم بلاد الحضارة فى العالم ، فإن أحدًا لايجروء أن يصف الحكام المصريين بعدم الحيدة عن طريق الجد والعدل والبناء وإنماء البلاد قوة وعظمة ولاسيما فى اوج مكانتها وقد تمثل ذلك فى كثير من جوانبه فى إعداد قادة لديهم القدرة على تحمل مسئولية البلاد فى أصعب أوقاتها .
وأكد أن الامبراطورية المصرية التى أشرقت وغربت وعلت فى قوتها لم تكن لتستمر بنفس هيمنتها وتخلد ذكراها دون وجود أسس ثابتة ومتينة تجلت فى قدراتها الإدارية والعسكرية والاجتماعية والفنية حيث إدرك الملوك أن كيان البلاد كى يسير بنفس القوة لابد وأن يتم إعداد الصف الثانى والثالث ومابعدهما إعدادا قويًا وتقويمهم إداريًا وثقافيًا وعسكريًا وأدبيًا.
وأشار إلى أنه لتحقيق هذا الهدف شرعت السلطة الحاكمة فى مصر فى إنشاء إدارة بالقصر أو البيت الحاكم تكون مهمتها إعداد وتقويم الرجل الثانى بعد الملك أو ولى العهد أو الصف الثانى تحسبًا لأى ظروف طارئة فى تحيط بملك مصر ، وملك مصر لإنه ملك وقائد للأرض بأسرها.
وأوضح أن السلطة الحاكمة فى مصر بلغت مبلغًا لم يحدث فى سائر الأمم ولم يأت عليه الزمان بشبيه أفكار فقد حرص الملك المصرى أثناء الفتوحات والغزوات المصرية للدول الأجنبية أن يصطحبوا أبناء ملوك هذه البلدان ويلحقوهم بإدارة إعداد القادة فى البلاط الملكى المصرى حتى إذا ماحملوا لواء الحكم فى بلادهم كانوا متشبعين بالدم المصرى الذى ينبض بعروقهم متأثرين بالتعاليم والنظم والتقاليد المصرية فيصبح ولائهم للبلاط المصرى.
وتابع قائلا: إن ملوك مصر اهتموا بتجهيز إدارة إعداد القادة وسخروا لها الإمكانيات العظيمة لتتمكن من أداء رسالتها وإعداد وتجهيز ملوك وقادة العالم مستقبلا، و حرصت السلطة المصرية على تثقيف القادة بدنيًا وعقليًا على يد متخصصين كل فى مجاله فاهتمت بثقافتهم العامة والثقافة المتخصصة منها إدارة البلاد ونظمها من حيث معرفة كيف يتم إدارة البلاد وكيف يتم التعامل مع الوزراء على اختلاف مكانتهم ووظائفهم وكذا حكام الأقاليم وطريقة توجيههم .
وأضاف أن السلطة اهتمت أيضا بإعداد القادة بدنيًا من خلال التدريبات البدنية والتمارين العسكرية ومعرفتهم بأصول ونظريات الحروب وكيفية الإعداد لسياسة الحروب وقيادتها ، وأيضا اهتمت بإعطاء القادة جرعة كافية دينيًا سواء تعلق الأمر بالتعاليم الدينية والدخول فى عالم الكهنوت والتعرف على أسرار الكهنة أو كيفية التعامل بحذر مع الشعب المصرى أكثر شعوب العالم تدينًا بل من تدين وتربى سلوكة على التعاليم الدينية بطبعه .
ولفت إلى أن التعاليم للقادة فى مصر القديمة كانت بعدم المغالاة دينيًا والبعد عن التعصب الدينى الذى لايتوافق وطبيعة المصريين التى لايفهمها إلا من كان لديه الحكمة والحرص على التعامل بمرونة مع المصريين والتمسك بنشر وتطبيق العدل والمساواة ، وفوق كل ذلك المحافظة على أسرار كل طبقة وعدم الخلط بين المفاهيم العامة والأسرار الخاصة والآخذ بمبادىء الحكم التى تجلت فى اعظم الملوك المصريين واكثرهم قوة وشجاعة إلا وهو “تحتمس الثالث “متمثلة فى الشجاعة والقوة والحكمة والعدل والمشورة وخاصة فى أوقات الضرورة.
وأكد أن القيادة المصرية الرشيدة حرصت على نقل خبراتها إلى القادة الصغار وخاصة فى التعامل مع عامة المصريين وخاصتهم بالحرص على مشاركة المصريين فى أعيادهم ومناسباتهم خاصة السياسية والدينية فكان لزامًا على الحاكم أن يشارك شعبه فى أعيادهم ويقوم بتوزيع الهدايا والمكافآت والعطايا وإدخال البهجة والسرور على عامة الناس وان يجل ويقدس ألهة المصريين عامتها وخاصتها دون النيل بالالهة المحلية والاقليمية والتى كان على الحاكم أن يقدر لكل إقليم ألهه الخاص به وكانت القيادة الحكيمة تنقل للقادة الصغار كيفية إرضاء الشعب بكل فئاته.