«أبو الغيط» : يتعين على النظام العربي التدخل لإيقاف نزيف الدم في سوريا
قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط إنه لا يصحُ أن يبقى النظام العربي بعيدًا عن التعامل مع أزمة سوريا التي تعد أكبر أزمة تشهدها المنطقة في تاريخها الحديث ، ولا أن تُرَحل هذه الأزمة الخطيرة إلى الأطراف الدولية والإقليمية يديرونها كيف شاءوا ويتحكمون بخيوطها وفق مصالحهم.
جاء ذلك في كلمة أبوالغيط أمام الجلسة الافتتاحية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب اليوم الاثنين بمنطقة البحر الميت (55 كلم جنوب غرب عمان) تحضيرا للقمة العربية في دورتها العادية الـ28 التي ستعقد بعد غد الأربعاء.
وأكد أبوالغيط على أن النظام العربي ، الذي تعبر عنه جامعة الدول العربية ، يتعين عليه أن يجد السبيل للتدخل الناجع لإيقاف نزيف الدم في سوريا وإنهاء الحرب والتوصل إلى تسوية للأزمة على أساس بيان “جنيف1 “والقرار 2254 وبما يحفظ لسوريا وحدتها وتكاملها الإقليمي ويضمن للشعب السوري تحقيق تطلعاته المشروعة.
وناشد مجلس الجامعة العمل بكل سبيل ممكن من أجل تفعيل الحضور العربي الجماعي في الأزمات الكبرى سواء في سوريا أو في البؤر الأخرى للصراعات في اليمن وليبيا ، مشيرا إلى أن هذه الأزمات جميعا تُشكل تهديدات خطيرة للأمن القومي العربي “بصورة لم نعهدها منذ احتلال إسرائيل للأراضي العربية في عام 1967 ولا قِبل لدولنا بمواجهة هذه التحديات الأمنية والعسكرية فُرادى خاصة وأنها تُمثل حزمة مُركبة ومتداخلة من المُشكلات السياسية الداخلية والتدخلات الإقليمية في الشؤون العربية”.
وتابع أبوالغيط :” هذه كلها تهديدات عابرة للحدود تواجه دولنا كافة، وتهدد الكيان العربي في مجموعه كما تضرب الأساس الذي يقوم عليه وهو الدولة الوطنية المُستقلة ذات السيادة” .. مضيفا “أنه لن يكون مُمكنًا مُجابهة هذه التهديدات إلا بالعمل الجماعي والجهد المُشترك المتضافر”.
وقال : “لا ينبغي أن تُنسينا هذه الأزماتُ الضاغطة، قضيتنا المركزية، القضية الفلسطينية” .. مشددا على أن الإجماع الدولي حول حل الدولتين واضحٌ وراسخٌ وقد رسمت المبادرة العربية للسلام الطريق إلى إنفاذ هذا الحل ..مؤكدا على أن العرب على استعداد كامل للتعامل مع أي جهد دولي مخلص من أجل إنهاء الصراع وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأشار أبوالغيط إلى أنه لا يخفى على أحدٍ حالة القلق التي تعتري المواطن العربي الغيور على مصير أمته وهو قلق مشروع في ظل ما تشهده المنطقة من اضطرابات مُزلزلة وتغيرات متسارعة تقتلع حتى ثوابت الجغرافيا والديموجرافيا ..قائلا : إن المواطن العربي، في كل دولنا من المُحيط إلى الخليج، يستشعر جراح إخوانه الذين يعيشون في مناطق الأزمات، رهائن للخوف والذعر، وعرضة للقتل والتشريد وأن القلب العربي لايزال حيًا نابضًا وليس هناك من ملجأ للعرب سوى العرب”.
وأضاف :”من علامات صحة الكيان العربي، في وسط هذه العتمة، أن من نزحوا وأُخرجوا من ديارهم بالملايين وجدوا الملاذ الآمن والاستضافة الكريمة لدى إخوانهم في الدول العربية، التي فتحت أبوابها بكرم ومحبة يعكسان مشاعر عروبية صادقة ؛ لذا فإنه يتعين علينا جميعًا أن نُقدم كل دعم ممكن وكل مساعدة ضرورية لهذه الدول التي ينوء كاهلها بأعباء استضافة مئات الآلاف من اللاجئين، وفي مقدمتها الأردن التي تستضيف قمتنا، ولبنان التي تحملت فوق طاقتها “.
وناشد أبوالغيط مجلس الجامعة العربية العمل بإخلاص على تمكين هذه المؤسسة الحاضنة للعمل العربي المُشترك ( الجامعة العربية) ..مشيرا إلى أن عملية إصلاح وتطوير الجامعة يتعين أن تسير قُدمًا بلا تلكؤ أو إبطاء إلا أن هذه العملية المنشودة لا ينبغي لها أن تُعطل مسيرة الجامعة أو أن تقود إلى تكبيل أنشطتها في مختلف مسارات العمل المُشترك، خاصة في هذه اللحظة الضاغطة التي نحتاج فيها لتعميق العمل العربي لا تقليصه، ولتعزيز الحضور العربي لا إضعافه.
وقال :”إن الجامعة العربية تستمد قوتها وحضورها من رغبتكم الجماعية في العمل المُشترك، وما نحتاجه حقًا هو تمكين الجامعة، من حيث التمويل والاسناد السياسي والدعم المعنوي، لكي تكون أكثر استعدادًا للتفاعل مع الأزمات العربية الضاغطة، وأفضل تأهيلًا للاشتباك معها والانخراط بجدية في محاولات تسويتها..ولن تكون هذه الجامعةُ قادرة على أن تلبي تطلعاتكم، أو أن ترتقي لمستوى طموح المواطن العربي بينما موازنتها السنوية في العامين الماضيين تُعاني نقصًا خطيرًا سبق أن كتبتُ إليكم بشأنه وأثق أنكم مطلعون على حجمه وتداعياته”.
واختتم أبوالغيط كلمته قائلا : “إن الجامعة العربية هي مرآة لتضامنكم وعنوان لوحدتكم، فلنحرص جميعًا على أن يكون حضورها ونشاطها تجسيدًا لهذا التضامن”.