أبو الغيط : تطوير القطاع السياحي بالدول العربية يستلزم خطة شاملة للتنمية الثقافية
أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن تطوير القطاع السياحي بالدول العربية يستلزم في الأساس وعيًا ثقافيًا، ويحتاج إلى خطة شاملة للتنمية الثقافية.
وأعرب أبو الغيط، في كلمة ألقاها في الاجتماع الوزاري المشترك لوزراء الثقافة ووزراء السياحة في الدول العربية الذي انطلق اليوم في مكتبة الأسكندرية، عن أمله في أن يخرج الاجتماع بنتائج ملموسة تساعد في إيجاد منظومة متكاملة تتسم بالفعالية والقدرة، وتعزز من أوجه تلاقي قطاعي السياحة والثقافة في الوطن العربي.
وقال أبو الغيط إن المنطقة العربية مخزن نادر للحضارة الإنسانية في أطوارها المختلفة، وفي تنوعها وتعدد مصادرها، وتحتضن بين جنباتها ذاكرة البشرية من عهد طفولتها الأول، مرورًا بمراحل تطورها جميعًا.
وأشار إلى أنه في المنطقة العربية ظهرت أول التجمعات البشرية الزراعية وأول المدن وأول الحواضر الكبرى وأول الامبراطوريات، وفيها ظهرت العقائد الأولى في هيئتها البدائية، وانتهاء بالأديان السماوية.
وقال إن هذا الإرث الفريد المتراكم يحملنا جميعًا مسئولية تجاه أنفسنا، وحيال الإنسانية ذاتها، فنحن أمناءٌ على هذا الميراث الحضاري وأمناء على صيانته والحفاظ عليه، والتعريف به والترويج له.
وأضاف أبو الغيط: “لقد تأثر القطاع السياحي في الكثير من الدول العربية بسبب المناخ السياسي والأمني الذي ساد في المنطقة خلال الأعوام الماضية، وجميعنا يعرف مدى حساسية هذا القطاع للأوضاع الأمنية”.
واستدرك قائلا : “لكننا نلمس مؤخرًا مؤشراتٍ على استعادة هذا القطاع المهم لعافيته شيئًا فشيئًا، بل ثمة جهود كثيرة تُبذل من أجل فتح مجالات جديدة للاستثمار السياحي في المنطقة العربية”.
وأشار إلى أَن هناك كنوزا سياحية بالمعنى الحقيقي للكلمة كانت حتى عهد قريب غير مستغلة، يجري التفكير اليوم في كيفية الاستفادة منها وتطويرها، لافتا إلى أن السياحة ليست استثمارًا عاديًا أو تجارة مثل غيرها، فهى استثمارٌ ثقافي له طبيعة خاصة، يُسهم في ارتقاء الشعوب وإيصال صوتها وثقافتها وحضارتها إلى خارج حدودها، كما يُسهم في تعميق الصلة بين الثقافات المحلية والثقافة العالمية السائدة.
وقال إن إقامة بنية سياحية حقيقية، قادرة على المنافسة، تحتاج إلى ما هو أبعد من مجرد تهيئة البنية الأساسية وتسهيل الوصول إلى المقاصد السياحية، رغم أهمية هذه الجوانب، مضيفا أن السياحة في الأساس ثقافة وحضارة ونحن أحوج ما نكون إلى تنمية الوعي بالسياحة وقيمتها في المجتمعات العربية من خلال خلق ثقافة وطنية مرحبة وحاضنة لهذا النوع من الاستثمار والنشاط الثقافي.
وأضاف أن هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها من دون وضع رؤية متكاملة لتفعيل التلاقي بين قطاعي السياحة والثقافة على المستوى العربي، وبالتعاون مع المنظمات العربية المتخصصة العاملة في هذه المجالات.
وشدد على أن الخبرات العربية في مجالات السياحة والثقافة ليست قليلة بل العكس هو الصحيح، لكنها ما زالت بعيدة عن تحقيق التكامل المطلوب، وما زال التضافر بين هذين القطاعين على الصعيد العربي أقل من المأمول.
وقال: “لعل اجتماعنا هذا، وما يتضمنه من طرح لمشروع رؤية لتفعيل وتعزيز العمل المشترك بين قطاعي السياحة والثقافة في الدول العربية يُعطي قوة الدفع المطلوبة لهذا التضافر الذي يحتاج إليه قطاع السياحة الثقافية العربية لتفجير إمكاناته وطاقاته التي لا نعرف لها مثيلًا أو نظيرًا في أي مكان في الدنيا.”
وأضاف إننا نسعى جميعًا لإيجاد آلية تلاقٍ بين قطاعي السياحة والثقافة على الصعيد العربي، موضحا أنه سيتم عرض الرؤية العربية لتفعيل العمل المشترك بين هذين القطاعين على المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الدورة الاستثنائية للإعداد للقمة العربية التنموية الرابعة التي ستعقد في بيروت في يناير 2019، وذلك للنظر في اعتمادها كرؤية استراتيجية لتعزيز العمل المشترك بين القطاعين الثقافي والسياحي في الدول العربية، تمهيدًا لرفعها إلى القمة العربية القادمة في مارس 2019.
وأعرب عن تطلعه إلى اليوم الذي تمثل فيه السياحة البينية العربية ركنًا معتبرًا من التدفقات السياحية إلى المنطقة العربية.
وقال إنه يتطلع إلي اليوم الذي يزور فيه العربي المقاصد السياحية في بلاده وبلاد أشقائه وجيرانه قبل أن يمد بصره إلى خارجها، فيزداد معرفة بتراثه المتناثر في جنبات هذا الوطن العربي الممتد من المحيط إلى الخليج، ويتعمق انتماؤه لهذا التراث وللحضارات المختلفة التي أنتجته، عمرانًا تشييدًا وابداعًا وفنًا عبر القرون الطوال.
وأكد أن تحقيق حلم النهوض بالسياحة البينية العربية يحتاج إلى خطة طويلة الأجل، ورؤية شاملة للأوضاع السياحية والثقافية في بلادنا. وقال: “إنني على يقين من أن هذا الجمع الكريم من أصحاب القرار وأهل الرأي والخبرة هم الأجدر بمناقشة هذه الخطة وطرح تلك الرؤية”.
وتقدم أبو الغيط بالشكر والتقدير إلى الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية على استضافة أعمال هذا الاجتماع الهام وتقديم التسهيلات اللازمة لإنجاحه.