آراءشويّة دردشة

أبطال حلوان .. مفيش “وأنا مالي”!| بقلم هاني بدر الدين

الحادث الإرهابي الذي وقع أمس الجمعة وشهدتها كنسية مارمينا بمنطقة حلوان قبل أن تنتهي الساعات الأخيرة من عام 2017، له الكثير من الجوانب التي يجب التوقف أمامها، وربما كان أبرزها هو العلامات الإيجابية لتدخل الشعب نصرة للحق ضد أهل الظلام والإرهاب، في علامة فارقة تشير إلى الخروج من دائرة “وأنا مالي” وظاهرة عدم المبالاة التي استفحلت في الشعب المصري عبر العقود الماضية.

الإرهابي إبراهيم إسماعيل إسماعيل مصطفى، الذي نفذ الهجوم واتضح انه نفذ سلسلة من الهجمات خلال الفترة السابقة، أودت بحياة العديد من المواطنين، لم يكن يدرك أن أسلوب الكر والفر هذه المرة لن ينجح، بفضل أولاد البلد، الذين تخلوا عن “وأنا مالي” وأدركوا حقيقة القصة المعروفة “أكلت يوم أكل الثور الأبيض”، فتصدوا للإرهاب.

الشيخ طه رفعت، إمام مسجد الدسوقى واحد من الناس، شاب في الـ 24 من عمره، صعيدي ابن بلد، لم يقل “وأنا مالي” واختبأ من رصاص الإرهاب، بل أمسك بميكروفون المسجد وهب يطالب الأهالي بالتصدي للإرهابيين، والدفاع عن الكنيسة والمسيحيين، فكان شرارة أشعلت حماس الأهالي والذين تجمعوا مترقبين الحظة المناسبة للإنقضاض على الإرهابيين.

مأمور قسم حلوان الذي سارع ومعه ضباط وأفراد القسم للتصدي للإرهابيين، لم يقل “وأنا مالي”، وانتظر وصول دعم الشرطة، بل سارع للتصدي له، وهو يدرك أن تلك اللحظات قد تكون لحظات حياته الأخيرة، وقد ينضم لقوافل الشهداء من الشرطة والقوات المسلحة والمواطنين في معركة اجتثاث الإرهاب.

وكان مسك الختام في أبطال تخلوا عن “وأنا مالي” عم صلاح الموجي، الرجل الذي قادته الظروف للتواجد في منطقة الحادث، وبمجرد إصابة الإرهابي، انقض عليه عم صلاح وهو في الخمسينات من عمره، انقضاض الفهد على فريسته، وأمسك بخناقه واستطاع أن يسيطر على سلاح الإرهابي، وأول من وصل إليه لمساندته نجله مصطفى، وعشرات وربما مئات من المصريين الذين استطاعوا أن يقهروا “وأنا مالي” ويدركوا أن عليهم اجتياز اختبار الرجولة والبطولة.

الشيخ طه ومأمور القسم وعم صلاح الموجي مواطنين مصريين، مثلهم مثل الملايين من أبناء مصر المحروسة، انتهى يومهم وعادوا إلى أسرهم ولديهم ذخيرة من البطولة سيقصونها على ذويهم ما تبقى لهم من عمر، وسيتناقلها أحفادهم ليخلودا أسماء الأبطال في التاريخ.

من الأكيد أن أغلبنا إن لم يكن كلنا يريد أن يكون في بطولة الشيخ طه والمأمور وعم صلاح، واسمحوا لي فذلك أمر بسيط وسهل للغاية، تقدر تكون زيهم لو أخصلت في كل تصرفاتك، وتخليت عن فيروس “وأنا مالي”، لو توقفت عن إلقاء القمامة في الشارع، فأنت في بطولة أبطال حلوان الثلاثة، وكذلك لو توقفت عن كسر اشارات المرور وممارسة البلطجة في قيادة السيارات، وامتنعت عن التهرب في الضرايب، ولو أديت عملك وسهلت خدمات المواطنين بدلا من “فوت علينا بكره”، أو إنك تكون من أتباع نظرية “مش حتشربنا شاي يا باشا وكل سنة وانت طيب”، طلبا للرشاوى.

باختصار .. فالبطولة لها أشكال عديدة، وأولها التخلي عن “وأنا مالي”، واحترام الوطن وأبناءه في كل مكان، فالقضاء على الفساد هو أكبر قضاء على الإرهاب، والذي بات اليوم في حرب مع أهالي مصر المحروسة وليس فقط مع الجيش والشرطة.

ونستعير كلمات عمنا صلاح جاهين في رائعة العندليب عبد الحليم حافظ عام 1966 بألحان الرائع كمال الطويل في أغنية “صورة”: ناس تحت حر الجبال والقلب كله حماس بتفجر الرمل انهار من ذهب أســود وناس بتكــسيه بخضره وكل لون له ناس واساتذه وعلما ومعامل ودكاتره من الشعب العامـل ورجال سكر علي مكاتبها تخدم بالروح لما تعامـل فى الصوره مفهاش الخامل والهامل واجبه نعسـان مفهاش الا الثوري الكامل المصري العربي الانسان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى