آراءشويّة دردشة

آثار الألم من أجل الحب | بقلم د. جيهان عفت

أمسكت فتاه بيد امها اليسرى وهي تقول ( كم احب هذه اليد الجميلة التي بلا عيب … أما يدك الأخرى فلا أطيق النظر إليها ) … نظرت الأم إلى يدها المشوهة ثم قالت لأبنتها .. (هل أحكى لكي قصه هذه اليد المشوهة …. ؟؟) أجابت الأبنة بلهفه شديدة (نعم).

حدث هذا منذ سنوات طويله … و كنتي يا صغيرتي لم تتجاوزي بعد الأربعة أعوام … في أحدي الليالي استيقظت مذعورة على رائحه دخان كثيف يملأ البيت … أسرعت باحثه عن مصدر النيران .. ويا للصدمة … رأيت اللهيب يمسك في ثوبك الذى كنت تنامين به … لم أتردد لحظه واحده، اندفعت بكل قوتي و نزعت عنك الثوب … أنقذتك لكن كان على دفع الثمن … أنظري التشوهات التي بيدي اليمني هذه التي تضايقك !!! هذه هي بعينها الثمن !!! 

مــــا  أثمـــن جسـد هذه الأم فهو يحمل آثـــار الألــم من أجل الحــب

أحبائــــــــي

حينما قال مثلث الطوبى والرحمة قداسه البابا شنودة الثالث ” إن مصر ليست وطنا نعيش فيه، و أنما وطنا يعيش فينا “، لم يكن ذلك  بلاغه في التعبير أو من باب الاستهلاك الإعلامي ولكنه كان تلخيصا لقرون عديده كانت فيها الكنيسة القبطية قلبا نابضا في جسد الوطن، إنها قصه لم تبدا الان ولم تبدا مع ثورة 1919 م، لكنها بدأت منذ خطوات مامرقس الرسول الأولى علي أرض مصر ليؤسس كنيسه مصريه ذات كينونة متفردة .

كنيسه تعشق الوطن و تصلي من أجله ومن اجل نيله وزروعه وحقوله وحكامه .. تقدم الحب من خلال مواقفها الوطنية المتعددة التي لا يختلف عليها أحد و التي قد تدفع ثمنها في بعض الاحيان الآلام معنويه والآلام جسديه يمكننا وصفها بجروح وتشوهات ظاهرة بجسد الكنيسة المادي (المبني) أو جسد أبنائها نتيجة حوادث التفجيرات أو غيرها … و على الرغم من ان المشهد مؤلم موجع محبط للوهلة الاولى، فها هي مباني الكنائس مدمرة .. أسرة تفقد عائلها أو أحد أبنائها .. شاب يفقد أحد أعضاء جسده ليستكمل حياته بإعاقة .. لكن حقيقه الامر هذه ليست تشوهات إنما علامات حب تقدمها الكنيسة على مر العصور والأزمان إلى الوطن وكل العالم وهي تثق إنه حينما يوجد ألم يوجد أيضا ينبوع لا ينضب من التعزية.

 دعوني استعين بما قاله ” يوحنا بنيان ” مؤلف كتاب (سياحة مسيحي)  ” من أتون التجارب نتعلم الصبر ونتزين بجوهرة رائعة هي جوهرة العزاء “، نعم نحن نثق أن أقسي الآلام هي التي تولد أروع الأنغام و أجمل الألحان فالحب يرفع الأنسان فوق نفسة ومتي أمتزج الحب بالألم فستتولد اعماق جديده للحياة وهذا ما يجعلنا نري التعزية مع كل مصاب و مع كل أسرة شهيد.

أحبائــــــــي

عندما تشاهدون تلك التشوهات تذكروا  أنها ليست تشوهات لكنها آثار الألم من اجل الحب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى