مشاهد من الخطر الغربي .. بقلم خالد عكاشه
مشاهد من الخطر الغربي
الضغط العسكري والأمني الموجود في سيناء منذ تاريخ الأول من يوليو الماضي الذي ارتكبت فيه العملية الإرهابية التي كانت تستهدف السيطرة على مدينة الشيخ زويد، ضرب الهيكل الرئيسي لتنظيم أنصار بيت المقدس، الذي كان يحاول أن يقدم نفسه كفرع فاعل لتنظيم داعش على أرض سيناء، وطور هذا الضغط من عمله فيما بعد إفتتاح مشروع قناة السويس الجديدة، بالعملية الموسعة “حق الشهيد” التي استهدفت تطهيرا حقيقيا طال انتظاره لمثلث الرعب العريش الشيخ زويد رفح، العملية تحصد اليوم ثمار جدية التخطيط والمواجهة التي تنفذها على الأرض، وتستهدف قطع الطريق على التنظيم الإرهابي من أن يتمكن مستقبلا من تجديد جلده لإنتاج مزيد من العمل الإرهابي المسلح .
مشهد في إجماله يدعو للتفاؤل الحقيقي بأن القادم أفضل، مستندا على ظهير عملياتي ماثلا للعيان وجهد وعرق وشهداء غاليين قدموا دماءهم الشريفة من أجل أن نصل لتلك المحطة المبشره، هذا في أقصى الشرق، لكن يقابله على الجانب الآخر مشهدا يغلي بالخطر ويمور بتشكيلات إرهابية تستهدف باختصار نقل حلبة الصراع مع الدولة المصرية إلى الساحة الغربية المفتوحة، بظهيرها الليبي الأكثر خطورة وغليانا بالآلاف من العناصر المسلحة الجاهزة والمدربة، التي استطاعت تثبيت أقدامها هناك في فراغات الصراع الليبي الداخلي، تنظيم داعش الأم في سوريا والعراق كان يولي فرعه الليبي اهتماما بالغا، ويدفع وراء نجاحه هناك بكل ما يستطيع من دعم ممكن، فالمكان جغرافيا نموذجي بالنسبة له، وخطوط التواصل مع التنظيمات التي سبقته في تلك المنطقة تسيل لعاب الخليفة في العراق ومن وراءه الداعمين هنا وهناك .
في فترة زمنية لم تتجاوز الشهور، تماما كما حدث بالعراق وربما أسهل ثبت داعش ليبيا أقدامه في المنتصف الليبي تماما، فبعد قليل من التعثر في مدينة درنه استطاع أن يبتلع سرت وما حولها، ليستقر في المنتصف الساحلي ممتدا جنوبا حتى الوصول لبني الوليد، واصبحت لديه القدرة الآن لإعلان “مدينة سرت” عاصمة له، نجاح تكتيكي هائل، خاصة وهو قد ضم أثناء تلك السيطرة العسكرية جزء كبير من تنظيم أنصار الشريعة الأقوى على الأرض في شرق ووسط ليبيا، بانضمام نهائي لعناصر تنظيم أنصار الشريعة وإعلان المبايعة في يونيو الماضي، إنقلبت المعادلة الليبية لمعادلة ثلاثية، فما بين البرلمان والحكومه الشرعية والجنرال حفتر شرقا، وبين مليشيات الإخوان وبعض أتباعهم من السياسيين غربا، استقر داعش ليبيا في المنتصف وبدأ يمارس التمدد وينجح فيه حتى الآن على الأقل .
التنافس والصراع الدائر ما بين داعش والقاعدة، الذي يدور رحاه في مناطق عدة على صدارة النشاط والعمل الإرهابي، وحصد المبايعات والولاء من التنظيمات الصغيرة الأخرى، وصل هو الآخر إلى ليبيا وعبر عن نفسه فيما ذكرناه آنفا وفيما جرى بداخل تنظيم أنصار الشريعة، وهو الذي كان يسيطر قبل ظهور داعش على المسرح على معسكرات تدريب المقاتلين ومخازن السلاح، التي كانت تعطي له نفوذا هائلا وكلمة عليا انتقل جزء كبير منه لداعش، وبقي الجزء الآخر متحالفا مع تنظيم المرابطون المصري تابعا لتنظيم القاعدة، والقاعدة كتنظيم أم في مركزها الرئيسي بأفغانستان، يبدو أنه قد نشط هو الآخر خطوط اتصاله مع مموليه، وبدأت المراهنات تلقى عليه مرة أخرى، فهو غير قابل لتقبل الهزيمة من داعش نجم الشباك الآن، ويراهن هو في المقابل أن فروعه أقوى وأثبت أقداما حيث هي سابقا والآن .
داعش ليبيا يستشرف هزيمة فرع سيناء وانقصام ظهره هناك، فيحاول جاهدا الدفع ببعض من عناصره للدخول إلى المنطقة الغربية المصرية لتأسيس مسرح عمليات جديد، وتنظيم المرابطون المصري ذو الإنتماء القاعدي لديه ظهير قوي جدا على الجانب الآخر من حدود مصر الغربية، ويتشارك مع داعش في نفس الهدف خاصة والساحة مفتوحة بأكبر جدا من سيناء، حدود تمتد إلى ما يتجاوز 1250 كم في صحراء وكثبان مفتوحة، تجعل معادلة الأمن مع كل الجهد الخارق الذي يبذل هناك من أصعب ما يكون، وتستلزم من الأمن المصري أن ينال من رقاب تلك التنظيمات هناك على أرضها، قبل الوصول إلينا خاصة وهي لم تكف عن المحاولة منذ حادث الفرافرة وإلى الآن .
خالد عكاشه