فنون ” الزار ” وطقوسه لم تندثر في الأقصر و أسوان
![](https://propaganda-eg.com/wp-content/uploads/2018/06/9136553531491226568.jpg)
أفادت دراسة مصرية بأن فنون الزار وطقوسه الأسطورية، لم تندثر بعد، ويجرى ممارستها بمعرفة النساء حتى اليوم في مدن مثل الأقصر وأسوان.
وقالت دراسة حديثة أجراها مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية ، إن “الزار سيبقى في صعيد مصر ما بقيت النساء”.
ويعد الزار أحد أبرز الموروثات الثقافية والشعبية الضاربة بجذورها في الذاكرة المصرية، وهو فن يأبى الأفول رغم كل مظاهر الحداثة التي انتشرت في الريف والقرى والنجوع ، لكنه ربما قد توارى عن الأعين.
وبحسب الدراسة ، التي أشرفت عليها الباحثة المصرية أسماء مناع، فإن الذهاب إلى جلسات الزار، باتت تتم في سرية ، وبعيدا عن أعين عائلات النساء اللاتي يتسللن إلى منازل يمارس فيها الزار، في مناطق معروفة في مدينة مثل الأقصر، وقرب معابد الفراعنة، كما يمارس في مدن وقرى محافظة اسوان.
وتقول الدراسة إن النساء اللاتي يتعرضن لأمراض غامضة، وخاصة النساء كبيرات السن، يضطررن للرقص على أنغام موسيقى وأغنيات لا وجود لها سوى في طقوس الزار، وذلك في ظل بحثهن عن علاج لما أصابهن من مرض لم يتمكن الأطباء من علاجهن منه.
وسجلت الدراسة شهادات لسيدات روين مشاهداتهن حول الزار، مثل السيدة فاطمة ، التي تنتمى لإحدى قرى غرب الأقصر، في صعيد مصر، والتي قالت إنها كانت تذهب كمرافقة لجارة لها إلى منزل في شرق المدينة، تقف أمامه العشرات من النساء ، اللاتي أتين خصيصا للمشاركة في حفلات الزار.
وتضيف إنها تذكر تفاصيل الكثير من الحفلات التي كانت تقام في القرى، حيث كان يجرى الإعداد والدعوة لها مبكرا، وكانت تتجمع النساء، في منزل صاحبة الدعوة لإقامة حفل الزار، انتظارا لقدوم إحدى فرق الزار، حيث كان هناك فرقتان تتمتعان بشهرة واسعة بين محبى ورواد حفلات الزار، وهما فرقة الست أم جاد، وفرقة الست فتحية، لكن أم جاد كانت الأكثر قبولا .
وأشارت الدراسة إلى أن حفلات الزار التي كانت تقام في القرى، بعيدا عن المقر الدائم لفرق الزار، كانت تستمر ليل نهار، وكانت بمثابة فرح كبير، ويتوافد عليها النساء من كافة القرى المجاورة.
وتقول الدراسة إن الإقبال على حفلات الزار لايزال مستمرا حتى اليوم، لكن لم تعد تقام تلك الحفلات إلا في منزلين فقط في شرق مدينة الأقصر، وكذلك في منازل تخصصت النساء فيها على إقامة حفلات الزار لمن يرغب من النساء الأسوانيات.
وبحسب الدراسة، فإن النساء يرتدين في حفلات الزار، ثيابا بيضاء، ويطلقن شعورهن، ويتخلصن من الكثير من القيود المجتمعية، داخل الحفل الذى يقتصر على النساء فقط.
وطبقا للدراسة ، فأن بعض النساء ينتظرن دورهن في الرقص، ويخترن أغنية معينة للرقص عليها، وبعض النساء يجدن أنفسهن قد اندمجن في الرقص بشكل عفوي، ما أن تستمتع لأغنية بعينها.
ويتم ترتيب دور النساء بحسب اسبقية الوصول والحجز، ومن طقوس الزار ذبح دجاجة بيضاء لكل سيدة تقوم بالرقص للتخلص ربما من الروح الشريرة، أو التقرب لـ ” الأسياد ” بحسب قول بعض النساء، اللاتي يعتقدن في السحر وأعمال الدجل والشعوذة.
ومن الأدوار أو الأغنيات التي ترددها النساء على وقع ضربات الدفوف، في حفلات الزار حتى اليوم، أغنية ” خلينا صابرين ياقلبى ” ، وأغنية ” ياحمام الأحباب ياحمام الأحباب .. فاتونا وسكنوا التراب ” ، واغنية ” اسم الله عليكى يامخلوعة ” .
كما تأتى بعض النساء بوجبات من الطعام، يجرى توزيعها على الحضور، على سبيل التبرك، مثل ” المخروط المسقى باللبن ” ( وهو يصنع من فطائر رقيقة يجرى تقطيعها بشكل معين ) ، ويطلق على حفلات الزار بعض الأسماء التى تختلف من مدينة لأخرى، مثل ” الدقة ” و ” الميدان ” بجانب كلمة الزار.
وبحسب الدراسة ، فإن بعض طقوس الزار، تقترب في تفاصيلها الاسطورية، من الحفلات الطقسية التي كانت تقام بالمعابد المصرية القديمة.
يذكر أن الزار كان طقسا شبه يومي في حياة كثير من النساء المصريات، وخاصة في المناطق الشعبية، وقد بات الزار فنا يقوم باحثون متخصصون بدراسة عوالمه وطقوسه وأساطيره، وجذوره، والأداء الحركي لرقصاته.
وقد شغل الزار الكثير من اطياف الفنانين والأدباء والباحثين فى شئون التراث والفلكلور الشعبى، وتم تناوله فى الأعمال السينمائية، واستوحى كثير من الفنانين التشكيليين، بعض أعمالهم ولوحاتهم من عوالمه الغامضة، مثل الفنان الدكتور عادل ثروت الذى اقام في عام 2014، معرضا تحت عنوان ” الزار” ، كما ظهرت بعض الفرق المصرية الحديثة، التي تخصصت في إحياء فنون الزار وأغانيه، مثل فرقة مزاهر.
كما لفت الزار أنظار الكثير من المؤرخين والرحالة الأجانب، مثل الكاتبة البريطانية “لوسي داف جوردون” ، والتي عاشت في مصر خلال القرن التاسع عشر، ودونت في كتابها ” رسائل من مصر ” مشاهداتها عن الزار فى الأقصر وأسوان.
ويرجع الباحثون تاريخ الزار إلى عصور الفراعنة، منذ أن حلًتٌ روحا خبيثة بجسد الاميرة “بختن” وأن محاولات جرت لإخراج الروح الشريرة من جسد الأميرة لكن الروح الشريرة لم تخرج مما جعل الاله “خنسو” أحد آلهة ثالوث طيبة المقدس يذهب إلى جسد الاميرة الاسيرة لطرد الروح الخبيثة منها باستخدام السحر وخرجت الروح الشريرة بعد أن لبى الاله خنسو مطلبها بإقامة حفل صاخب لها وتقديم الهدايا والقرابين بين يديها.