افتتاحية بروباجنداتحقيقات و تقاريرعاجل

رمضان في مصر حاجة تانية

افتتاحية بروباجندا

رمضان في مصر حاجة تانية والسر في التفاصيل.. رمضان في مصر غير الدنيا طعمه بطعم النيل، لم تكن هذه الأنشودة الرائعة التي تغنى بها الفنان حسين الجسمي مجرد كلمات إعلان ترويجي لإحدى شبكات الهواتف المحمولة.. بل تحولت إلى “نبض جماهيري” و”حالة شعبية” و”روح حلوة” تخطف القلوب وتنعش الأبصار.

فليس مستغرباً أن تسمع من الأشقاء العرب بل والسائحين الأجانب كلمات تؤكد أن أيام شهر الصوم الفضيل لها طعم خاص مختلف تدفعهم إلى الحرص على قضاء أيامه في أرض الكنانة.. فيكفي أن تتجول في شوارع المحروسة وأحياء “القاهرة الفاطمية” لتشاهد مظاهر الاحتفال الخلابة بداية من الزينة و”البيارق” والإضاءة الملونة التي تجعلك أمام “كرنفال” خلاب لا تضاهيه “ديزني لاند” ولا “الشانزليزيه” ولا أعتى المقاصد السياحية.

هذا بخلاف روح التكافل المدهشة التي يتنافس المصريون في تفعيلها خلال أيام وليالي هذا الشهر المعظم، فتجد موائد الرحمن تتسابق على جذب الصائمين سواء من المحتاجين أو من تأخروا عن الوصول لمنازلهم قبل أذان المغرب.. بل يصل الأمر إلى رغبة من بعض الأسر حتى القادرة مادياً على اصطححاب أبنائهم للاندماج والتعايش الجماعي لاستشعار هذه الروح الاحتفالية.

وفي واقع الحال .. فإن الأمر لا يقتصر على طرق وشوارع مصر بل أن من لم يحالفه الحظ باقتناص هذه الفرصة بتناول الإفطار خارج البيت، تجده يحتفل على طريقته الخاصة داخل منزله وذلك من خلال دعوة الأهل والأقارب والأصدقاء للالتفاف حول “سفرة رمضان“.. فيحلو احتساء “الخشاف” أو حتى “عرق السوس” بمجرد انطلاق “مدفع رمضان” ثم تناول ما تجود به الإمكانيات المادية لكل أسرة والتي دائما ما تكون في أبهى صورها ليصبح طعاماً متميزاً، ليس من قبيل التفاخر أو التباهي أو التبذير وإنما تعبيراً عن فرحة استقبال المصريين بشهر رمضان.

وليس بعيداً عن هذا تحول أيام هذا الشهر المبارك إلى ملحمة للوحدة الوطنية، فتجد كل أبناء مصر مسلمين ومسيحيين مشتركين في الاحتفال ببهجة هذا الشهر، فلا تتعجب أن تجد “جورج” يزاحم “محمد” على مائدة الإفطار، بل الأعجب من ذلك أن بعض الأخوة المسيحيين يعبرون عن فرحتهم برمضان بالصوم “على طريقة المسلمين” فلا طعام ولا شراب إلا بعد أذان المغرب.

وبعد هذه الأجواء الرائعة وعقب تناول الإفطار.. يكتمل “أنس العائلة” بالالتفاف حول شاشات القنوات لمشاهدة هذا البرنامج أو ذاك المسلسل.. وهنا تجدر الإشارة إلى الجنود المجهولين العاملين بالحقل الإعلامي الذين يحملون على عاتقهم تقديم برامج ومسلسلات تنال إعجاب المشاهدين وتدخل عليهم البرامج والدراما التي تكمل سعادة المصريين.

والشهادة لله.. فإن أجهزة الإعلام خلال السنوات الأخيرة، أخذت على عاتقها تقديم مواد متميزة يشهد بجودتها البعيد قبل القريب عبر إحياء النماذج الإنسانية الرفيعة وإذكاء حب الوطن والوفاء لكل من ضحى بروحه ودمائه دفاعاً عن هذا الوطن، إلى جانب الاضطلاع بمسئولية رفع الوعي الجماهيري، بعيداً عن الإسفاف والابتذال، وفق الرؤية الوطنية الصائبة التي وجه إليها الرئيس المفدى عبد الفتاح السيسي.

أما إذا تحدثنا عن أهم شخص في شهر الصوم فسيتبادر فورا إلى الذاكرة “المسحراتي” الذي يتجول في الشوارع والحارات ومعه طبلة صغيرة وكثيرا ما يصطحبه طفل صغير لينادي على الصائمين لتناول وجبة السحور قبل أن يداهمهم الوقت، فتجده ينادي على كثير من الأسماء العامة (اصحى يا محمد اصحى يا مصطفى …) ودائما ما يحلو للأطفال أن يطلبوا منه ذكر أسمائهم على سبيل الفرحة والسعادة.

لتكتمل فرحة أيام وليالي الشهر الفضيل بتناول وجبة السحور في واحد من أجمل وأبهج الأماكن ليس في مصر بل ربما في العالم، ومن يريد التأكد فليقتنص فرصة ذهبية ويتسحر في حي الحسين الذي اصبح قبلة المصريين، والعرب والأجانب .. فوسط أجواء كرنفالية مبهجة تشاهد أفواج البشر يتدافعون بالآلاف لقضاء ليلة رمضانية في غاية السعادة.. ويختم المسلمون فسحتهم المبهجة تلك بأداء صلاة الفجر لتكتمل فرحة الليلة التي لا تضيع من الذاكرة على مر السنين.

فرغم الظروف الحاسمة التي تحاصر العالم أجمع، وتتأثر به مصرنا الحبيبة بطبيعة الحال، تجد الإرادة الجمعية للمصريين تصر على الانتصار واقتناص الفرحة والسعادة في هذا الشهر الكريم.. الذي يتحول إلى “بلسم للحياة” يداوي الجروح ويدخل البهجة والسعادة على النفوس.

كلمة أخيرة

لكل ماسبق، ولغيره الكثيييير، يبقى “رمضان في مصر حاجة تانية” أسلوب حياة فعلاً لا مجرد قولاً .. فـ “يا بخته يا هناه” اللي يقضي رمضان في مصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى