شويّة دردشة

تخت رجال الأعمال!! بقلم .. إيمان إمبابي

11938876_10153156643837887_534951414_n
 ألح على رأسى مشهد الفنان الكبير الراحل “فريد شوقى”, فى دوره العلامة “حسن” فى فيلم “بداية ونهاية”.. المشهد المميز له كمطرب أفراح “بالعافية”.. يغنى مجبرا حنجرته على إخراج صوت منفر.. يجلس خلفه “تخت” بائس مضطر.. يغنى “حسن” فيهمهم جمهور الفرح, ثم يتذمر, ثم يتحول الأمر بسرعة إلى “معركة” بالكراسى.. ينال “التخت” فيها نصيبه فتسيل الدماء.. وينتهى بالجميع فى قسم الشرطة!!
لماذا ألح على رأسى؟.. لأننى أحاول فهم وضع بعض رجال الأعمال فى مصر.. من أتحدث عنهم, أولئك من هواة جمع “الكارنيهات”.. كارنيه رجل أعمال.. كارنيه سياسى.. كارنيه رجل إعلام.. كارنيه مثقف.. وكلها “كارنيهات مضروبة”.. فلا هم رجال أعمال.. ولا هم ساسة.. ولا هم رجال إعلام.. ولا هم مثقفون!!
 ولكى يصبح لهذه “الكارنيهات” تأثيرا على الرأى العام.. لابد لهم من “تخت” بائس, ليس مضطرا كما “تخت” حسن فى فيلم “بداية ونهاية”.. لكنه انتهازى, متسلق, يعيش ويترعرع فى كنف هذه “الطائفة” من رجال الأعمال.. يقتات ويتغذى على أموالها.. وتتصدر المشهد بوجود هذا “التخت” دائما إلى جوارها!! “تخت” رجال أعمال آخر الزمان متنوع.. مجموعة كبيرة من المدعين.. منهم من يدعون أنهم ساسة, أو إعلاميين, أو مثقفين.. صنعهم رجال الأعمال هؤلاء وفق “باترون” محدد.. منذ ما يقرب من 15 عاما.. فنجحوا فى تصدير نمط واحد طوال تلك السنوات.. ظل طافيا على سطح الحياة فى مصر.. فأفسدوا – بجدارة – الحياة الإعلامية.. سواء كانت فضائية أو إلكترونية أو ورقية.. فدفعوا فى عين المشاهد والقارىء عنوة, بمجموعة من عديمى الموهبة والمهنية.. رفعوا حناجرهم وشحذوا أقلامهم.. فى البداية كانت مهمتهم “إلباس” رجال الأعمال هؤلاء ثوب “طلعت حرب”.. ثم تطور الأمر ليصيروا عصى أحيانا تستخدم لترهيب الدولة.. أو جزرة لترغيبها.. وهم لا يدركون أن دولة قديمة – مصر – بارعة فى صناعة العصى.. ولا يسيل لعابها إذا رأت الجزر!!
الخاسر الأكبر فى تلك اللعبة الرديئة التى قاربت على الانتهاء, هو الإعلام نفسه. ولأن “لعبة” رجال الأعمال لا تستقيم بضلع واحد – الإعلام – فكان لابد من إكمال الضلعين الآخرين.. السياسة, والثقافة.. فكانت صنيعتهم الكبرى, التى تحولت لمأساة فيما بعد ونعانى منها الآن.. ساسة الفضائيات والحوارات الصحفية.. مجموعة من حفظة نظريات السياسة فى الكتب.. لا يختلفون كثيرا عن أولئك الإعلاميين.. يبيعون تلك النظريات لرجال الأعمال مقابل المال وأشياء أخرى.. تمويل رحلة للخارج.. وسائل رفاهية بعينها.. فحلم الفيلا والسيارة بسائق.. وضمان الوجود المستمر على شاشات رجال الأعمال هؤلاء.. أمور تعيش عليها تلك الفئة ممن يسمون أنفسهم ساسة “لامؤاخذة”!!..
فإذا ما تحرك الشعب راغبا فى ممارسة سياسة حقيقية, فى الشارع وبين الناس.. انبرى هؤلاء وقوفا بينه وبين ما يطلب.. إما بتسفيه مطلبه وتنصيب أنفسهم قادة لا يستقيم الأمر دونهم.. أو بالهجوم على الدولة فهو أقصر الطرق للوجود دائما تحت الأضواء وعلى شاشات الفضائيات.. أما أخطر ما قام به أولئك “الساسة المعلبين” فهو دفع رجال الأعمال لممارسة السياسة.. وهى منهم براء.. فلدينا الآن فى مصر ما يقرب من 10 أحزاب يرأسها رجال أعمال وما يسمون أنفسهم نخبة مثقفة.. وتلك مأساة ندفع الآن ثمن وجودها لسنوات طوال!! أما الضلع الأخير لمثلث “تخت” رجال الأعمال.. فهو ضلع هلامى لا يمكنك وضع تعريف واضح له.. يسمون أنفسهم, أو يسميهم رجال الأعمال “نخبة مثقفة”.. خليط من ساسة وأساتذة جامعة وإعلاميين.. ولو حاولت تفكيك ذلك الوصف “نخبة مثقفة”, للوصول لتعريف مناسب.. لا تجد شيئا.. نخبة ضمن من؟!.. لا تعرف.. مثقفين وسط من؟!.. لا تعرف.. عندما تبحث فى تاريخ أو سيرة أى منهم, لا تجد شيئا يذكر سوى إجادة “الكلام”.. حتى لو فارغ.. لا يسمن ولا يغنى.. هؤلاء أيضا صنعتهم الفضائيات والحوارات الصحفية فى الصحف الخاصة.. بعضهم يحصل على مرتبات ثابتة من رجال الأعمال..مقابل أن يكونوا رهن الإشارة.. إذا دعت الحاجة لكلامهم ضد أى شخص.. فهم جاهزون.. إذا كان مطلوبا الوقوف – بالكلام – سندا لرجل الأعمال.. فهم رهن الإشارة.. ومن طول ما اعتادوا حالة الجاهزية والاستعداد والاستنفار الدائم.. صاروا الآن يهاجمون الدولة مستندين إلى كتف نظرائهم من ساسة “التخت”.. إذا ما طلب منهم رجال الأعمال ذلك!! خطورة هذا النوع من رجال الأعمال.. أنهم لا يعرفون ولا يدركون ولا يحترمون سوى أنفسهم.. لا يعترفون بقيم سوى مال اصبح بين أيديهم ولديهم أزمة حقيقية فى إدارته.. ولا يرون أوطانا سوى الأماكن التى تدور فيها أموالهم.. لذا فالدولة بالنسبة لهم “حلوة” بقدر ما تقدم لهم.. و”قمعية” إذا ما أدارت وجهها لرعاية مواطنيها كما ينبغى.. وتحارب رأس المال الحر إذا ما طلبوا منها “تدليلا” لا معنى له ولم يجدوه.. أولئك أفسدوا الإعلام والسياسة والثقافة فى مصر منذ ما يقرب من 15 عاما ومازالوا.. أولئك اصطحبوا “التخت” معهم دائما وحرصوا عليه ودافعوا عنها.. وعندما تقوم “معركة” الكراسى.. سيفرون بأنفسهم تاركين هذا “التخت” يلقى مصيره المحتوم.. ولن ينتهى فقط بالذهاب إلى قسم الشرطة!!
إيمان إمبابى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى