“الاشتراكيين الثوريين” ورجل أعمال إيد واحدة ! .. بقلم إيمان إمبابى

أسئلة ملحة بالنسبة لى.. وقد تكون مهمة بالنسبة للكثيرين.. أطرحها للتفكير فيها.. فقد بدأت حقبة التفكير الكبير عند الشعب المصرى منذ عام 2011 ومازالت مستمرة..
أول الأسئلة الملحة: رجل الأعمال بنى آدم؟.. أكيد.. له جسد ورأس بها عقل وعيون وأنف وفم وأذنين؟.. نعم.. يرى بحواسه تلك ويشم بها ويأكل ويسمع ويفكر بعقله مثل غيره من البنى آدمين؟.. لا.. فما يراه ويشمه ويتذوقه ويسمعه.. ليس مثل ما يشعر به غيره من البنى آدمين.. ومسألة أنه يفكر بعقله هذه ليس لدينا حتى الآن ما يؤكدها!!
من أتحدث عنهم – بالتأكيد – ليسو كل رجال الأعمال.. أتحدث عن “حزمة” وهم بالتأكيد يشكلون لبعضهم البعض – مهما اختلفوا – “حزمة” فى أوقات الشدة والبأس.. “حزمة” لا يتجاوز عددها 20 فردا, بمؤسساتهم.. بميليشياتهم الإعلامية, النخبوية, السياسية, المثقفة.. هذه الحزمة تحكمها “سيكولوجية” خاصة بها.. تتأثر بها تلك الميلشيات الدائرة فى فلكها.. لكن تظل صفة مميزة لهؤلاء من أصحاب المال..
ثانى الأسئلة: الاشتراكى الثورى بنى آدم؟.. نعم.. له عقل ويفكر كما غيره من البنى آدمين؟.. نعم له عقل, لكنه لا يفكر مثل البنى آدمين.. يفكر بطريقة أخرى صعب على أمثالى فهمها!!.. الاشتراكى الثورى يعيش ويتعايش ويستحم مثل البنى آدمين؟!.. نعم.. يعيش ويتعايش, لكن يستحم مثل البنى آدمين.. هذه لم ترد بها معلومة حتى الآن!!!
السؤال الأخير والفاصل فى هذا الأمر: ماهى العلاقة بين بعض رجال الأعمال, والاشتراكيين الثوريين؟!!
الإجابة على هذا السؤال فى رأيى معقدة نوعا ما من الناحية النظرية.. فالاشتراكيين أعداء الرأسمالية والرأسماليين اللدودين.. صاروا الآن ينبتون ويترعرعون ويعيشون داخل أجنحة رجال الأعمال.. يلعنون الجيش والقضاء والدولة.. ويسبحون بحمد رجال الأعمال.. يعلنون منهجهم ونظرياتهم صريحة: “نعم نحن مع إسقاط الدولة, وإعادة بنائها مرة أخرى”.. لكن لسانهم لا يجرؤ على النطق بما يغضب رجال الأعمال.. وعندما تسألهم: نهدم الدولة, ثم نعيد بنائها.. وكيف تسير أمور الدولة والمواطنين إذن فى الفترة ما بين الهدم وإعادة البناء؟!.. يقولون بمنتهى الثقة: “تدار بالشعب.. باللجان الثورية”!!.. وهنا انتحر المنطق – بحسب د.نائلة عمارة – عدنا إلى “الكتاب الاخضر” لمؤلفه “القذافى”!!!
الاشتراكيون الثوريون، هي حركة ماركسية, تروتوسكية مصرية – نسبة إلى الشيوعى الشهير تروتوسكى – بدأت فى مصر عام 1995.. ومنذ ذلك التاريخ كانت مختلفة عن غيرها من الحركات اليسارية فى العلاقة مع جماعة الإخوان.. فبينما كان جموع اليساريين يصنفون كل تيار الإسلام السياسى إجمالا فاشية من نوع آخر.. كان الاشتراكيون الثوريون يرفعون شعار “مع الإسلاميين ضد الدولة”!!.. هذه الحركة لها امتدادات فى الخارج – كما جماعة الإخوان – ترتبط بتيار الاشتراكية الدولية.. لب عملها تنظيم الحركة العمالية.. شاركت فى مصر بتأسيس حزب العمال الديمقراطى وتحالف القوى الاشتراكية بعد ثورة يناير..
فى أعقاب تنحى مبارك 2011.. رفعوا شعار “الثورة مستمرة ضد الحكومة الرأسمالية”.. (واخد بالك.. ضد الحكومة الرأسمالية.. لكن رجال أعمال.. لا, حاشا لله)!!
لذا فلا عجب أن تجد أسماء مثل: سامح نجيب, حسام الحملاوي, ماهينور المصرى, تحمل كل هذا الصلف تجاه الدولة, بمؤسساتها.. وتنظر بعين “الحنية” لرجال الأعمال.. (كل من ذكرت أسماءهم تعج صفحات التواصل الاجتماعى بإبداعهم فى سب الدولة لمن يرغب فى التوثيق).. المشكلة ليست فيهم.. المشكلة فيمن يفسر تصريحاتهم وخطبهم وتحركاتهم باعتبارهم شباب مصرى ثائر.. الاشتراكى الثورى لا يفكر مثل غيره من المواطنين.. عقله لا يرتب أولويات الوطن كما يرتبها المواطن العادى.. لذا فلا تندهش أبدا من رفعه شعارات ضد الرأسمالية.. وارتماؤه فى أحضان رجال الأعمال.. فتجد داخل ميلشيات رجال الأعمال: مثقفين اشتراكيين ثوريين, وإعلاميين اشتراكيين ثوريين, وساسة اشتراكيين ثوريين..
رجال الأعمال يعجبهم قرع الطبول الذى يمارسه هؤلاء الاشتراكيين الثوريين بحناجرهم.. لا سيما تلك الإيقاعات – التى يعاقب عليها القانون كقذف وسب – التى توجه ضد الدولة.. و”الاشتراكيين الثوريين” تعجبهم رزم المصرى والدولار والعملات الأخرى.. التى تمتلىء بها جيوبهم الممزقة – عمدا – مطلع كل شهر!!
لذا فلا أندهش إطلاقا من التحالف الممتد بين الطرفين.. ورغم رفع هذا التحالف شعار “إيد واحدة” الذى كان يرفعه الإخوان تضليلا إبنان ثورة يناير.. ستظل تلك الأسئلة فى نظرى ملحة.. حتى تجرى فى النهر مياة جديدة تفكك هذا التحالف.. أو على الأقل تخلص الأصابع المتشابكة فى “اليد الواحدة”!!
إيمان إمبابى