أمريكا تحمل إيران مسؤولية الهجوم على ناقلتي النفط وطهران تنفي
حملت الولايات المتحدة إيران مسؤولية هجمات على ناقلتي نفط في خليج عُمان يوم الخميس مما دفع أسعار النفط للارتفاع وزاد من مخاوف وقوع مواجهة جديدة بين إيران والولايات المتحدة لكن طهران نفت الاتهام بشكل قاطع.
ولم يتضح على الفور ما الذي حل بالناقلة فرنت ألتير النرويجية أو الناقلة اليابانية كوكوكا كاريدجس بعد أن تعرضتا لانفجارات مما أجبر أفراد الطاقمين على تركهما في المياه بين دول الخليج العربية وإيران.
وقال مصدر إن الانفجار في فرنت ألتير التي اشتعلت فيها النيران وتصاعد منها عمود من الدخان ربما كان بسبب لغم ممغنط. وقالت الشركة المشغلة للناقلة كوكوكا كاريدجس إن هجوما استهدفها يشتبه في أنه نفذ بطوربيد. لكن مصدرا مطلعا قال إن هذا الهجوم لم ينفذ باستخدام طوربيدات.
ونشر بيل أوربان المتحدث باسم القيادة المركزية للجيش الأمريكي يوم الخميس تسجيلا مصورا قال الجيش الأمريكي إنه يظهر قاربا للحرس الثوري الإيراني يقترب من الناقلة كوكوكا كاريدجس ”وجرت ملاحظة وتسجيل إزالة لغم لم ينفجر من كوكوكا كاريدجس“.
وقال وزير الصناعة الياباني هيروشيجي سيكو إن الهجمات على ناقلتي النفط في خليج عُمان لن تؤثر على إمدادات الطاقة اليابانية رغم أن الوزارة أصدرت تحذيرا لشركات الطاقة اليابانية بعد الواقعة.
وارتفعت أسعار النفط بنسب وصلت إلى أربعة بالمئة بعد الهجمات التي وقعت قرب مدخل مضيق هرمز وأثارت مخاوف من تعطل تدفق النفط من الشرق الأوسط.
واشنطن تتهم طهران
اتهمت واشنطن طهران بالمسؤولية عن هجوم مشابه وقع في 12 مايو على أربع ناقلات للنفط في ذات المنطقة وهي ممر حيوي لشحن النفط إلى العالم.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للصحفيين ”حكومة الولايات المتحدة خلصت إلى تقييم هو أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مسؤولة عن الهجمات التي وقعت في خليج عُمان“ وذلك في تصريحات مقتضبة لم يقدم خلالها أدلة تدعم موقف بلاده.
وأضاف ”هذا التقييم يستند إلى معلومات مخابرات ونوع الأسلحة المستخدمة ومستوى الخبرة اللازمة لتنفيذ هذه العملية والهجمات الإيرانية المشابهة التي وقعت في الآونة الأخيرة على قطاع الشحن وحقيقة أنه لا توجد مجموعة تعمل بالوكالة في تلك المنطقة تملك الموارد أو الكفاءة للتحرك بهذه الدرجة العالية من التطور“.
ونشر الجيش الأمريكي مقطع فيديو يقول إنه يُظهر الحرس الثوري الإيراني يُزيل لغما غير منفجر من جانب إحدى ناقلتي النفط اللتين تعرضتا إلى هجوم الخميس، فضلا عن صور فوتغرافية تُظهر ما يبدو لغما بحريا قبل إزالته.
إيران ترفض الاتهام الأمريكي
قالت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة إن إيران ترفض بشكل قاطع الزعم الأمريكي الذي ”لا أساس له“ بشأن الهجمات.
وقالت البعثة الإيرانية في بيان ”إيران ترفض بشكل قاطع الزعم الأمريكي الذي لا أساس له فيما يتعلق بحوادث 13 يونيو وتدينه بأشد العبارات“.
واتهمت إيران الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة، بما في ذلك السعودية والإمارات، ”بإثارة الحرب“. ودعت إيران ”المجتمع الدولي إلى الوفاء بمسؤولياته في منع السياسات والممارسات المتهورة والخطيرة للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين في تصعيد التوتر في المنطقة“.
وبدوره رد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بالقول إن المزاعم الأمريكية بشأن مسؤولية إيران عن الهجمات على ناقلتي نفط في خليج عُمان تأتي في سياق “دبلوماسية التخريب” التي يتبناها ما سماه بفريق “بي” الذي يضم مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون.
وقال ظريف في تغريدة على تويتر “أن تقفز الولايات المتحدة على الفور لتقدم مزاعم ضد إيران دون أدنى دليل حقيقي أو عرضي، يكشف تماما أن الفريق (بي) ينتقل للخطة البديلة: دبلوماسية التخريب”.
وحذر مسؤولون أمنيون أمريكيون وأوروبيون ومحللون إقليميون من القفز إلى نتائج بشأن من نفذ الهجمات.
وفي لندن قال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت إن بريطانيا تعمل على أساس أن إيران مسؤولة عن الهجمات وحذرت إيران من أن هذه الأفعال ”غير حكيمة للغاية“.
وقال هنت في بيان ”هذا أمر مقلق للغاية ويأتي في وقت يشهد توترا كبيرا بالفعل. لقد كنت على اتصال مع (وزير الخارجية الأمريكي مايك) بومبيو، وفي حين سنقوم بإجراء تقييمنا الخاص بوعي وعناية، من الواضح أن نقطة البداية بالنسبة لنا تتمثل في تصديق حلفائنا الأمريكيين“.
وأضاف ”نأخذ هذا الأمر على محمل الجد ورسالتي إلى إيران أنها إذا كانت متورطة، فهذا تصعيد غير حكيم للغاية يشكل خطرا حقيقيا على آفاق السلام والاستقرار في المنطقة“.
تصاعدت حدة التوتر بين إيران والولايات المتحدة
تصاعدت حدة التوتر بين إيران والولايات المتحدة منذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي العام الماضي.
وحذرت إيران مرارا من أنها قد تغلق مضيق هرمز إذا لم تتمكن من بيع نفطها بسبب العقوبات الأمريكية.
وزادت التوترات أكثر منذ تحرك ترامب في بداية شهر مايو أيار لإجبار عملاء النفط الإيرانيين على خفض وارداتهم إلى الصفر أو مواجهة عقوبات مالية شديدة من الولايات المتحدة. وانخفضت صادرات النفط الإيرانية إلى نحو 400 ألف برميل يوميا في مايو أيار من 2.5 مليون برميل يوميا في أبريل نيسان العام الماضي.
وفي مايو أيار أيضا، قالت إدارة ترامب إنها سترسل مزيدا من القوات إلى الشرق الأوسط للتصدي لما تعتبره تهديدا بهجوم محتمل من إيران.
ووصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الحادث على تويتر بأنه ”مريب“ ودعا إلى حوار إقليمي لتجنب التوتر. وفي تغريدة لاحقة على تويتر وصف ظريف المزاعم الأمريكية بأنها في إطار ”دبلوماسية التخريب“.
ونفت طهران مسؤوليتها عن هجمات 12 مايو .
وتم انتشال أفراد طاقم الناقلتين دون إصابات. وقال الأسطول الخامس الأمريكي الذي تستضيفه البحرين إنه ساعد الناقلتين بعد تلقيه نداءي استغاثة.
جوتيريش : العالم لا يستطيع تحمل مواجهة كبرى في الخليج
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في اجتماع لمجلس الأمن بشأن التعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إن العالم لا يستطيع تحمل ”مواجهة كبرى في منطقة الخليج“.
وناقش مجلس الأمن الهجمات في اجتماعات مغلقة يوم الخميس بناء على طلب الولايات المتحدة.
وقال منصور العتيبي سفير الكويت لدى الأمم المتحدة ورئيس المجلس لشهر يونيو حزيران بعد الاجتماع إن جميع أعضاء المجلس أدانوا الهجمات.
وعندما سُئل عما إذا كانت الولايات المتحدة قد قدمت أي دليل يدعم اتهامها لإيران، قال العتيبي للصحفيين ”لم نناقش أي دليل“.
قالت إيران والولايات المتحدة إنهما تريدان تجنب الحرب.
الرئيس الإيراني : ستقوم برد ساحق على أي عدوان
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم الأربعاء ”إيران لن تبدأ حربا أبدا ولكنها ستقوم برد ساحق على أي عدوان“.
وقالت القيادة المركزية الأمريكية في بيان مساء يوم الخميس ”ليس لدينا مصلحة في خوض صراع جديد في الشرق الأوسط… سندافع عن مصالحنا لكن الحرب مع إيران ليست في مصلحتنا الاستراتيجية ولا في مصلحة المجتمع الدولي“.
وقال بومبيو ”سياستنا تبقى مركزة على جهود اقتصادية ودبلوماسية لدفع إيران للعودة لطاولة المفاوضات في الوقت المناسب للتشجيع على التوصل لاتفاق شامل يعالج التهديدات الأوسع نطاقا“ من جانب إيران.
وتابع قائلا ”على إيران أن ترد على الدبلوماسية بالدبلوماسية وليس بالإرهاب وسفك الدماء والابتزاز“.
وقال بيان بعثة إيران لدى الأمم المتحدة ”من المفارقة أن الولايات المتحدة التي انسحبت بشكل غير قانوني من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي لعام 2015) تدعو الآن إيران للعودة إلى المفاوضات والدبلوماسية“.
وبعد الانسحاب من الاتفاق النووي أوضح ترامب إنه يريد من إيران وقف تطويرها للصواريخ ولدعمها لقوات موالية لها في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليس فقط أنشطتها النووية.
وقال بعض المحللين في المنطقة إنهم يعتقدون أن الهجمات من تنفيذ إيران على الأرجح ووصفوها بأنها وسيلة من طهران لكسب نقاط أثناء التفاوض وربما زيادة الضغوط الدولية فيما يتعلق بإجراء محادثات أمريكية إيرانية.
وقال جون الترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ”هناك دائما احتمال أن يحاول شخص ما إلقاء اللوم على الإيرانيين“.
وأضاف الترمان ”لكن ثمة احتمالا أكبر أن يمثل هذا جهدا لتعزيز الدبلوماسية الإيرانية من خلال إثارة حاجة دولية ملحة لدفع الولايات المتحدة وإيران للحوار“.
كان رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في زيارة إلى طهران عند وقوع الهجمات حاملا معه رسالة من ترامب. وحث آبي كل الأطراف على عدم السماح بتصاعد حدة التوتر في المنطقة.
وقالت إيران إنها لن ترد على عرض ترامب، الذي لم يتم نشر مضمونه.
شارك في التغطية كوستاف سامانتا وجيسيكا جاجاناثان في سنغافورة وغيداء غنطوس في دبي ومروة رشاد في الرياض وتيري سولسفيك في أوسلو وميشيل نيكولز في الأمم المتحدة – إعداد محمد اليماني للنشرة العربية